الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

معجب بابنة عمي وأحاول لفت انتباهها، فما توجيهكم؟

السؤال

السلام عليكم.

عمري ١٧ سنة، ومعجب بابنة عمي ولكنني اكتشفت أنه مجرد إعجاب وليس حبا لعدة أشياء، منها أن الذي يجذبني فيها هو الشكل، كما أن هذه المشاعر تجاهها تظهر فقط في المناسبات التي تجمعنا، مثل الأعياد والافراح، وأحيانا تخفت هذه المشاعر.

يوم الجمعة كان عندنا فرح، ولأني أعلم أنها ستحضر للحفل فاضت عندي هذه المشاعر مرة أخرى وبدأت بالتجهز بلبس أحلى الثياب، وحتى أثناء الحفل أحاول جذب الانتباه إلي، ولكن آخر مرة رأيتها كانت من فترة طويلة، وعندها رأيت أنها كبرت طولا وجسما بما يناسب سنها، أما أنا فكنت قصيرا نوعا ما ونحيفا بعض الشيء، وعندها نمت عندي مشاعر قوية وعقدت نية عازمة أن أذهب لأتمرن وأتبع نظاما غذائيا ليزيد طولي ووزني وعضلاتي، وكنت أفكر هل سأصل لطولها؟! لأني لو كنت أقصر منها فلن أجذب الانتباه.

أريد أن أسأل: ماذا أفعل لكي أتجنب هذه الأفكار وأتخلص من هذه المشاعر، وأن أسعى لتحسين نفسي لنفسى لا لغيري؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك ابننا الفاضل في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص والتواصل، ونسأل الله أن يُعينك حتى تُحسّن نفسك لنفسك، أو الأبلغ من ذلك لتُرضي ربّك سبحانه وتعالى، فالعقل السليم في الجسم السليم، والمؤمن القوي خيرٌ وأحبُّ إلى الله من المؤمن الضعيف.

أمَّا بالنسبة للمشاعر: فنتمنَّى أن تتوقف هذه المشاعر حتى يأتي وقتها، ولا ننصحك بالحرص على أن تكون قريبًا من هذه الفتاة أو غيرها، حتى لا تشتعل عندك مثل هذه المشاعر التي ستؤثّر سلبًا على دراستك وعلى مستقبلك، ولعلّك توافقنا أن الأمر مبكّرٌ، وأن الفتاة إذا كانت أطول منك وظهر فيها هذا فقد يأتي مَن يخطبُها، وقد تكون أنت بحاجة إلى انتظار مَن هي أصغر منها.

على كل حال: هذه مشاعر -كما وصفتَ- هي مشاعر إعجاب، ونتمنّى ألَّا يكون همّك أن تلفت نظرها أو نظر الفتيات الأخريات، واعلم أن هذا الشعور طبيعي طالما وُجد الرجال مع النساء، كل طرفٍ يحاول أن يلفت نظر الطرف الآخر، ولذلك من حرص الشريعة وكمالها أنها تمنع مثل هذه الجلسات العائلية المختلطة التي يتسارق فيها الأطراف النظر، وكل الحوادث مبدؤها من النظر، ومعظم النار من مستصغر الشرر.

لذلك نتمنَّى أن تنصرف للعبادة، وتنصرف لدراستك، تجتهد في تحسين أخلاقك، لتقوية ثقافتك الإسلامية، لزيادة مهاراتك الحياتية ... هذه هي الأمور التي ينبغي أن تشغل نفسك بها، وعندما يأتي الوقت المناسب فستجد من بنات الأعمام وبنات الأخوال والصالحات من الجارات ومن المعارف مَن إن شاء الله تُناسبُك وتُسعدك وتُسعدها، وعندها أيضًا ينبغي أن يكون اختيارك عبر المجيء للبيوت من أبوابها، وليس بالطريقة المذكورة، ونسأل الله أن يُعينك على الخير.

ونكرر مرة أخرى: لا نريد لمثل هذه المشاعر أن تبدأ مبكّرًا، والسبيل لذلك أن تبتعد عن مواطن تبرُّج البنات والنساء، واعلم أن بنت العم وبنت الخال وبنت الخالة؛ هؤلاء جميعًا من الأجانب الذين لا يصلح أن ننظر إليهن وهن في كمال زينتهنَّ، أو ينظرنَ إلينا ونحن في كمال زينتنا، بل لا يصلح أن نُديم النظر أو نكون في مكانٍ واحدٍ، والأخطر من ذلك أن يحصل انفراد، لأنه عند ذلك الشيطان هو الثالث، وصدق رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (لا يخلونّ رجلٌ بامرأةٍ إلَّا كان الشيطان ثالثهما).

عليه: ننصحك بالتفكير في الاتجاه الآخر، والحرص على إكمال ما عندك من الخير، والاهتمام بتهيئة نفسك للمستقبل، والبعد عن مواطن النساء، والشريعة بحكمتها باعدتْ بين أنفاس النساء والرجال حتى وهم في بيوت الله للصلاة، فجعلت الخير في صفوف الرجال أولها، لبُعدها عن صفوف النساء، وخير صفوف النساء آخرها أيضًا لبُعدها عن الرجال، فأنت ستظل في خير وارتياح وانشراح وطمأنينة ما دمتَ بعيدًا عن مواطن النساء، وما دمت لا تُديم النظر إلى النساء ولا النساء في التلفاز ولا إلى النساء في المجلات وغيرها، وهذا ما ننصحك به، وهذا أحفظ لك لحياتك ولقلبك، وأعونُ لك على كل نجاح، وعندما يأتي الوقت المناسب عليك أن تبحث عن الفتاة التي تناسبُك وترتبط بها بالحلال، وبعد ذلك تسعد معها وتُسعدها وتُسعدك بالحلال، واعلم أن الحلال يبدأ بالرباط الشرعي، ويبدأ بالمجيء للبيوت من أبوابها، ونسأل الله أن يجمع بينكم على الخير، وأن يُقدّر لك الخير ثم يُرضيك به.

ونؤكد أن الإنسان قد تكون سعادته مع هذه الفتاة أو مع غيرها، لذلك لا ننصح بالتعلُّق، فقد يتعلّق الإنسان بفتاة ويُحال بينه وبينها، ثم يظل في تعب وعذاب، وقد قال صلى الله عليه وسلم: (اتقوا الدنيا واتقوا فتنة النساء)، ونسأل الله أن يجمع بينك وبين من يكتبها الله لك على الخير، ويُقدر لك ما فيه الخير ثم يُرضيك به.

والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً