الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أنكر الغيبة وأنصح معلمتي على تركها؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

معلمتي تغتاب طالبة معينة، وتعلم أن معظم طالبات الفصل لا يحبونها، ففي غيابها تستثير الطالبات للكلام عليها بسوء، وفي أثناء ذلك تخبرهن أن التحدث عن الآخرين في غيابهم أمر خاطئ، ولكنها لا توقف الطالبات عن التكلم عليها، بل تستمع وتنصت إليهن، لأنها لا تحب تلك الطالبة، وأنا لا أستطيع فعل أي شيء حيال ذلك، فما الحل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة الفاضلة/ مريم حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلًا بك -ابنتنا الكريمة- في موقعك إسلام ويب، وإنا نسأل الله الكريم أن يبارك فيك، وأن يحفظك، وأن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يرضيك به، وبعد:

لقد سرتنا رسالتك كثيرًا، فهذا واجب الأخت المسلمة تجاه أختها، بل وحتى تجاه أي مسلمة أخرى، بما في ذلك زميلاتها ومعلمتها، ولا شك -يا ابنتي- أن ما فعلته المعلمة الكريمة -حسب رسالتك- هو خطأ، ما كان ينبغي عليها الوقوع فيه، فالغيبة التي عرَّفها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بقوله: (‌ذِكْرُكَ ‌أَخَاكَ ‌بِمَا يَكْرَهُ)، تستلزم وجود الفعل فيه، وإلا فهي بهتان فقد قيل لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (أَفَرَأَيْتَ إنْ كَانَ في أَخِي ما أَقُولُ؟ قالَ: إنْ كَانَ فيهِ ما تَقُولُ فَقَدِ اغْتَبْتَهُ، وإنْ لَمْ يَكُنْ فيهِ فَقَدْ بَهَتَّهُ).

وهي لا تتوقف عند حد معين بل كما قال الغزاليُّ: (حَدَّ الغِيبَةِ أنْ تَذْكُرَ أَخَاكَ بِمَا يَكْرَهُهُ لَوْ بَلَغَهُ، سواء ذَكَرْتَهُ بنَقْصٍ ‌في ‌بَدَنِهِ ‌أوْ ‌نَسَبهِ، أوْ في خُلُقِهِ أوْ في فِعْلِهِ أَوْ في قَوْلِهِ، أوْ في دِينِهِ أوْ في دُنْيَاهُ، حتى في ثَوْبهِ ودَارِهِ ودابَّتِهِ) كل هذا من الغيبة.

وهي كبيرةٌ من كبائر الذنوب، ومُحرَّمةٌ بإجماع المسلمين، قال تعالى: {وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ} [الحجرات: 12]، وقال تعالى: {وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ * هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ} [القلم: 10، 11]، وقال الشوكانيُّ: (‌الْهَمَّازُ ‌الْمُغْتَابُ لِلنَّاسِ).

وصاحب الغيبة معذب في قبره إلا أن يتوب، فعن أبي بَكْرَةَ قالَ: مَرَّ النَّبيُّ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- بقَبْرَيْنِ فقالَ: (إنَّهُمَا لَيُعَذَّبَانِ، وما يُعَذَّبَانِ في كَبيرٍ، أمَّا أَحَدُهُمَا ‌فَيُعَذَّبُ ‌في ‌الْبَوْلِ، وأمَّا الآخَرُ فَيُعَذَّبُ في الْغِيبَةِ).

وعليه فإننا ننصحك بما يلي:

أولًا: كتابة رسالة مجهولة المصدر توضع بطريقة تصرف الشبهة عنك إلى معلمتك تشتمل على ثلاث نقاط:
1- شكرك لها على تعليمكن وبذلها الجهد في ذلك.
2- إعلامها بمحبتكن لها وحرصكن على دينها وآخرتها.
3- تذكيرها بأن الحديث عن الفتاة في غير وجودها، والسكوت عن تنمر البنات عليها أو الحديث عنها يعتبر من الغيبة، وأنك تودين أن تناصرها وتعتبرها كابنتها.

ثانيًا: تذكير البنات القريبات منك بحرمة الغيبة، دون التطرق إلى الحديث عن المعلمة، حتى لا تشي بك إحداهن.

ثالثًا: عدم نقل هذا الكلام إلى الفتاة المغتابة، مع مناصرتها ما استطعت، دون أن يلحق بك ضرر من ذلك.

رابعًا: إن لم تستطيعي أن تزيلي المنكر فزولي أنت عليه.

هذه وصيتنا لك، ونسأل الله الكريم أن يبارك فيك، وأن يحفظك من كل مكروه، والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات