[ ص: 394 ] 916 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في إتيانه مسجد قباء وفي صلاته فيه .
5702 - حدثنا ، حدثنا يزيد بن سنان ، حدثنا يحيى بن سعيد القطان ، عن عبيد الله بن عمر ، عن نافع ، قال : ابن عمر قباء راكبا وماشيا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتي [ ص: 395 ] .
5703 - وحدثنا ، حدثنا يزيد ، حدثنا القعنبي ، عن مالك بن أنس ، عن نافع ، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله . ابن عمر
5704 - وحدثنا الحسن بن غليب ، حدثنا ، حدثني يحيى بن عبد الله بن بكير ، عن الليث بن سعد ، عن ابن عجلان : نافع مولى ابن عمر كان يأتي ابن عمر مسجد قباء ويركب ، قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتيه راكبا وماشيا أن .
5705 - وحدثنا فهد بن سليمان ، حدثنا ، حدثنا أحمد بن عبد الله بن يونس ، عن أبو بكر بن عياش ، عن محمد بن عجلان ، عن نافع ، قال : ابن عمر مسجد قباء لم يكن النبي عليه السلام يأتي شيئا من [ ص: 396 ] المساجد تلك إلا ، قال : وكان يفعله . ابن عمر
5706 - وحدثنا ، حدثنا يونس بن عبد الأعلى ، عن معن بن عيسى المدني ، عن مالك بن أنس ، عن عبد الله بن دينار : أن النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله بن عمر قباء ماشيا وراكبا كان يأتي .
5707 - وحدثنا ، حدثنا يزيد بن سنان ، أخبرنا سعيد بن أبي مريم ، أخبرني محمد بن جعفر أنه سمع ابن دينار يقول : ابن عمر مسجد قباء ماشيا وراكبا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتي [ ص: 397 ] .
5708 - وحدثنا ، حدثنا يزيد ، حبان بن هلال ، قالا : حدثنا وشيبان بن فروخ ، حدثنا عبد العزيز بن مسلم ، عن عبد الله بن دينار ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله . ابن عمر
ففي هذه الآثار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأتي مسجد قباء ، وفيها ما قد دل على أن ذلك كان منه عادة من عاداته لأن في هذه الآثار : أنه كان يأتيه ، وليس فيها أنه أتاه ، فيكون ذلك على الإتيان مرة واحدة .
فقال قائل : فقد رويتم عن المعرور بن سويد ما قد تقدمت روايتكم إياه في هذا الكتاب ، أنهم كانوا مع عمر بطريق مكة ، فرأى أناسا يذهبون مذهبا ، فقال : أين يذهب هؤلاء ؟ قالوا : يأتون مسجدا صلى فيه النبي صلى الله عليه وسلم ، وأنه قال : إنما هلك من كان قبلكم بأشباه ذلك يتبعون آثار أنبيائهم فاتخذوها كنائس وبيعا ، من أدركته الصلاة في شيء من هذه المساجد التي صلى فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فليصل فيها وإلا فلا يتعمد لها .
قال : وفيما رويتم من قصد رسول الله صلى الله عليه وسلم إتيان مسجد قباء ما دل على حضه أصحابه على مثل ذلك من إتيانهم إياه ، بل قد روي من إتيانهم إياه ، ولزومهم له ، وصلاتهم فيه .
[ ص: 398 ] ما قد حدثنا ، أخبرنا يونس ، أخبرني عبد الله بن وهب ، أن ابن جريج أخبره ، أن نافعا ، قال : عبد الله بن عمر سالم مولى أبي حذيفة يؤم المهاجرين الأولين وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسجد قباء فيهم : أبو بكر وعمر ، وأبو سلمة ، وزيد ، وعامر بن ربيعة ، وذلك أنه كان أكثرهم قرآنا . كان
قال : ففي هذا ما يخالف ما رواه المعرور ، عن عمر لا سيما ، وفي هذا الحديث أن عمر ممن كان يصلي فيه مع من سواه ممن ذكر في حديث ، عن ابن جريج نافع من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي فيه أيضا .
5709 - فذكر ما قد حدثنا ، عن يونس ، أخبرني ابن وهب ، عن هشام بن سعد ، قال : سمعت نافع ، يقول : قال : عبد الله بن عمر قباء ، فسمعت به الأنصار ، فجاؤوا يسلمون عليه ، فقلت أو لبلال : كيف رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يرد عليهم وهو يصلي ؟ قال : يشير بيده صهيب خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى [ ص: 399 ] .
5710 - وما قد حدثنا ، يونس ، قالا : حدثنا ومحمد بن عبد الله ، قال : أخبرنا عبد الله بن عبد الحكم ، عن عبد الله بن نافع ، عن هشام بن سعد ، عن نافع : ابن عمر قباء فصلى ، فسمعت به الأنصار ، فجاؤوا فسلموا عليه ، فأشار إليهم بيده باسط كفه أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى . لم يقل يونس : [ ص: 400 ] باسط كفه .
5711 - وما قد حدثنا ، حدثنا علي بن معبد ، حدثنا أبو نوح عبد الرحمن بن غزوان ، عن هشام بن سعد ، عن نافع ، قال : ابن عمر قباء ليصلي ، فخرجنا معه ، فسمعت به الأنصار ، فجاؤوا يسلمون عليه . قال : قلت : يا ، كيف كان يرد عليهم ؟ قال : كان يشير إليهم بيده بلال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى .
قال : فدل ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم قد كان يصلي فيه ، وفي هذا اضطراب شديد مع ما قد رويتم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله أيضا : خير صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة ، وذكرتموه فيما تقدم من هذا الكتاب ، أفيجوز أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك صلاته في بيته ، وخرج [ ص: 401 ] إلى مسجد قباء للصلاة فيه ، وتلك الصلاة تطوع ، فيترك الأفضل مع ترك تجشم المسافة ، ويمضي إلى ما هو دونه من تجشم المصير إليه مع بعد المسافة ، وهذا مما لا خفاء به .
وكان جوابنا له في ذلك : أنه لا اختلاف في شيء من هذه الآثار مما روي فيها عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا عن أحد من أصحابه المذكورين فيها ، وذلك أن حديث المعرور ، عن عمر إنما هو لقصدهم كان إلى مواضع لم يصل رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها لفضل فيها على ما سواها ، وإنما أدركته الصلاة فصلى في الموضع الذي صلى فيه منها لا لفضل في ذلك الموضع على غيره ، فكره عمر أن يجعلوا له فضلا على غيره ، فيرجعون بذلك إلى مثل ما كان عليه من قبلهم من اتباع آثار أنبيائهم حتى اتخذوها كنائس وبيعا ، وكان مسجد قباء له فضيلة يؤتى من أجلها ، وهي أن الله تعالى أمر في غيره مما بني لما ذكر الذين بنوه أنهم بنوه له ليكون كمثله ، فكان من الله فيه ما أنزل في كتابه من إظهاره وما بنوه له من إرادتهم التفريق بين المؤمنين ، ومن تركه مسجد قباء ، وإقراره على ما كان عليه ، ولم يكن ذلك إلا لفضيلة فيه ، ورضى من الله تعالى لما بناه أهله من أجله ، ثم جهدهم على ذلك بما قد ذكره في كتابه من حمده إياهم بقوله : فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين .
فأما الصلاة فيه ، فإنه قد يحتمل أن يكون كان ذلك لما وجب عليه صلى الله عليه وسلم ألا يجلس فيه حتى تكون منه فيه الصلاة التي قد أمر الناس أن يفعلوها إذا دخلوا المساجد قبل أن يجلسوا فيها.
5712 - كما حدثنا ، أخبرنا يونس ، أن ابن وهب حدثه ، عن [ ص: 402 ] مالكا ، عن عامر بن عبد الله بن الزبير عمرو بن سليم الزرقي ، عن : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : أبي قتادة السلمي إذا دخل أحدكم المسجد ، فليركع ركعتين قبل أن يجلس .
5713 - وكما حدثنا ، حدثنا يونس ، عن سفيان عثمان بن أبي سليمان : أنه سمع ، عن عامر بن عبد الله بن الزبير عمرو بن سليم الزرقي [ ص: 403 ] ، عن ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله . أبي قتادة
5714 - وكما حدثنا ، حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، حدثنا مكي بن إبراهيم عبد الله بن سعيد بن أبي هند ، عن ، عن عامر بن عبد الله بن الزبير عمرو بن سليم - وكان امرءا ذا هيئة - أنه سمع ، يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم ذكر مثله . أبا قتادة الأنصاري
5715 - وكما حدثنا محمد بن إبراهيم بن يحيى بن حماد ، حدثنا ، حدثنا أبو سلمة موسى بن إسماعيل ، عن همام [ ص: 404 ] ، محمد بن عجلان ، عن وابن جريج ، عن عامر بن عبد الله بن الزبير عمرو بن سليم ، عن ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله . قال : وزاد أبي قتادة : ابن جريج ولا يجلس حتى يصلي .
5716 - حدثنا ، حدثنا أبو أمية خالد بن أبي يزيد ، حدثنا ، عن إسماعيل بن زكريا عمرو بن يحيى بن عمارة ، حدثني ، عن محمد بن يحيى بن حبان عمرو بن سليم الزرقي ، عن : قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أبي قتادة إذا أتى أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين .
5717 - وكما حدثنا ، حدثنا محمد بن علي بن داود ، حدثنا محمد بن [ ص: 405 ] الصباح ، عن إسماعيل بن زكريا ، عن سهيل ، عن عامر بن عبد الله بن الزبير عمرو بن سليم ، عن ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله . جابر بن عبد الله
5718 - وكما حدثنا ، حدثنا أبو أمية سعد بن عبد الحميد بن جعفر الأنصاري ، أخبرنا إبراهيم بن يزيد بن قديد ، عن ، عن الأوزاعي [ ص: 406 ] ، عن يحيى ، عن أبي سلمة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أبي هريرة إذا دخل أحدكم المسجد ، فلا يجلس حتى يركع ركعتين ، فإن الله تعالى جاعل له من ركعته في بيته خيرا .
[ ص: 407 ] فيكون ما صلاه رسول الله عليه السلام في مسجد قباء لدخوله إياه الدخول الذي أراد به الجلوس فيه ، فيصلي الصلاة التي صلى فيه كذلك لا لما سواه .
قال : ففي حديث أبي نوح الذي ذكرته عن علي بن معبد : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأتي مسجد قباء ليصلي فيه ، فدل ذلك أنه قد كان يقصد للصلاة فيه .
فكان جوابنا له في ذلك : أن هذا الحديث لم نجده في حديث أحد ممن حدث به عن غير هشام بن سعد أبي نوح ، وعسى أن يكون ذلك وهما منه ، لأن الجماعة بالحفظ أولى من الواحد ، وقد يحتمل أن يكون ما في الحديث ليصلي فيه إن كان ثابتا من كلام بعض رواته ليس عن النبي صلى الله عليه وسلم على أنه حمل الأمر على أنه كان لا يأتيه ليجلس فيه إلا صلى فيه قبل أن يجلس .
فأما صلاته في بيته التطوع ، فما فضل من الصلاة في مسجد قباء لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما فضلها على الصلاة في مسجده ، فقال للناس لما اجتمعوا إليه في شهر رمضان ليصلي بهم فيه : أيها الناس صلوا في بيوتكم ، فإن خير صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة .
ومسجده صلى الله عليه وسلم في الفضل فوق مسجد قباء ، فإذا كانت صلاة التطوع [ ص: 408 ] في البيوت أفضل من الصلاة في مسجده صلى الله عليه وسلم كانت أحرى أن تكون في البيوت أفضل منها في مسجد قباء ، فقد بان بحمد الله تعالى أن لا تضاد في شيء من هذه الآثار التي رويناها في هذا الباب ، وبالله التوفيق .