الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [في الحصى التي يرمى بها]

                                                                                                                                                                                        واللقط أحب إلى مالك من الكسر . وفي كتاب مسلم : أنها تكون مثل حصى الخذف . ولا يرمي بحصى الجمار ؛ لأنه قد رمي بها ، فإن فعل أجزأه عند مالك . وقال ابن شعبان : لا يجزئه . لأنه قد تعبد به مرة كمن توضأ بماء قد توضأ به مرة . قال : ولأن المعروف أن ما يتقبل من الحصى يرفع ، فيكره أن يرمي بما لم يتقبل . وكرهه أيضا مالك في الحصاة الواحدة . وهذا إذا كانت مما رمى به غيره ، ولو كرر الرمي بحصاة واحدة سبع مرات لم يجزئه .

                                                                                                                                                                                        وأول وقت الرمي يوم النحر بعد الفجر ، فمن رمى قبل لم يجزئه . ويستحب أن يؤخر حتى تطلع الشمس ، ثم له سعة في التأخير ما لم تزل الشمس فلا يؤخر عنه . قال ابن القاسم في العتبية : فإن زالت الشمس ؛ فات الرمي ، إلا لمريض أو ناس . وأول وقت الرمي في أيام التشريق بعد الزوال ، [ ص: 1228 ] فمن رمى قبل ذلك لم يجزئه ، ثم له سعة ما لم تصفر الشمس . قال ابن القاسم : فإن اصفرت فقد فات الوقت إلا لمريض أو ناس . والمذهب : على ألا دم عليه حتى تغرب الشمس .

                                                                                                                                                                                        وقال ابن القاسم فيمن نسي حصاة من الجمرة الأولى ، وقد رمى بعد ذلك الوسطى وجمرة العقبة : أتم على الأولى فرماها بحصاة ، وأعاد رمي اللتين بعدها . وسواء ذكر ذلك في بقية يومه أو من ليلته أو من الغد أو في الليلة التي تليها فإنه يتم الأولى ، ويعيد رمي اللتين بعدها ، إلا في وجه واحد فإنه إذا ذكر بعد أن رمى اليوم الثاني قبل أن تغرب الشمس فإنه يتم الأولى ، ويعيد رمي اللتين بعدها ثم يعيد رمي جميع الثلاث ، فإذا غربت الشمس لم يعد رمي يومه ذلك . وكذلك إذا ذكر في اليوم الثالث بعد أن رمى الثلاث فيه ، فإنه يتم الأولى ويعيد رمي اللتين بعدها ، ثم يعيد رمي يومه . وإن غربت الشمس لم يكن عليه شيء لا لليوم الأول الذي أسقط منه ولا لغيره ؛ لأن أيام الرمي قد خرجت بغروب الشمس .

                                                                                                                                                                                        وقال فيمن نسي حصاة فلم يدر هل هي من الأولى أو من الثانية أو الثالثة : يتم الأولى بحصاة ، ثم يعيد اللتين بعدها . وقال أيضا : يبتدئ رمي جميع الثلاث . وجوابه هذا يحتمل أن يكون لأن الرمي عنده يكون متواليا ، ويستأنف الجميع في هذه وفي المسألة التي قبل . أو يكون قال ذلك لأنه يمكن أن يكون نسي أول حصاة ثم ابتدأ الرمي ليوم ثانيه حصاة ، وهو يظن أنه رمى الأولى ، فإن كل حصاة تحتاج إلى نية . [ ص: 1229 ]

                                                                                                                                                                                        وقال أبو مصعب : من نسي رمي جمرة من الجمار فليرم متى ذكر . وإنما هو بمنزلة الصلاة يصليها متى ذكر ، ولم يقل إن كانت الأولى أعاد ما بعدها .

                                                                                                                                                                                        وقال مالك : فيمن ترك حصاة أهراق دما ، وإن ترك جمرة أو الجمار كلها فبدنة ، فإن لم يجد فبقرة ، فإن لم يجد فشاة .

                                                                                                                                                                                        قال أحمد بن المعذل : والهدي ما سيق من الحل ، وما لم يسق من الحل فلا يقع عليه اسم هدي . يريد : أن قول مالك "يهريق دما" ليس عليه أن يجمع بين حل وحرم ، ولا أن يقلده . وقال الطبري : الهدي عندي إنما سمي هديا لأنه يتقرب به مهديه إلى الله تعالى ، بمنزلة الهدية يهديها الرجل إلى غيره متقربا بها إليه . وعلى قوله يصح أن يسمى هديا ما لم يجمع فيه بين حل وحرام .

                                                                                                                                                                                        ومن فرق رميه فرمى كل جمرة بحصاة ، ثم كرر حتى أتم سبعا ، احتسب بالأولى وبحصاة واحدة من الثانية ، وأتمها ، واستأنف الثانية بسبع ، وإن نكس رميه فرمى الأولى ثم الثالثة ثم الثانية أعاد الثالثة . وإن ابتدأ بالثانية ثم الثالثة ثم الأولى أعاد رمي الثانية ثم الثالثة . وكذلك إن ابتدأ بالثانية ثم الأولى ثم الثالثة احتسب بالأولى ، ثم أعاد الثانية والثالثة . وكذلك إن ابتدأ بالثالثة ثم الثانية ثم الأولى احتسب بالأولى وحدها . وإن ابتدأ بالثالثة ثم الأولى ثم الثانية أعاد الثالثة وحدها . [ ص: 1230 ]

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية