الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
الرخصة السادسة : التنفل للماشي جائز في السفر ويومئ بالركوع والسجود ولا يقعد للتشهد لأن ذلك يبطل فائدة الرخصة وحكمه حكم الراكب لكن ينبغي أن يتحرم بالصلاة مستقبلا للقبلة لأن الانحراف في لحظة لا عسر عليه فيه بخلاف الراكب فإن ، في تحريف الدابة وإن كان العنان بيده نوع عسر ، وربما تكثر الصلاة فيطول عليه ذلك .

ولا ينبغي أن يمشى في نجاسة رطبة عمدا ، فإن فعل بطلت صلاته بخلاف ما لو وطئت دابة الراكب نجاسة .

وليس عليه أن يشوش المشي على نفسه بالاحتراز من النجاسات التي لا تخلو الطريق عنها غالبا .

وكل هارب من عدو أو سيل أو سبع فله أن يصلي الفريضة راكبا أو ماشيا كما ذكرناه في التنفل .

التالي السابق


(الرخصة السادسة: التنفل للماشي)

وهو (جائز في السفر) الطويل وكذا القصير على المذهب ولا يجوز في الحضر على الصحيح، وفي الماشي أقوال: أظهرها أنه يشترط أن يركع ويسجد على الأرض وله التشهد ماشيا. والثاني: يشترط التشهد أيضا قاعدا ولا يمشي إلا حالة القيام والثالث: لا يشترط اللبث بالأرض في شيء (ويومئ بالركوع والسجود و) مقتضاه أنه (لا يقعد للتشهد) ، وهذا القول اختاره المصنف وعلله بقوله (لأن ذلك) أي: القعود للتشهد (يبطل فائدة الرخصة وحكمه) فيها (حكم الراكب) الذي بيده الزمام (لكن ينبغي أن يتحرم بالصلاة مستقبلا للقبلة) وهذا مفرع على القول الثالث الذي اختاره المصنف إلا أن صاحب هذا القول يشترط الاستقبال أيضا في حالة السلام، وعلى القول الأول يستقبل في الإحرام والركوع والسجود ولا يجب عند السلام على الأصح، وعلى القول الثاني وجب عند الإحرام، وفي جميع الصلاة غير القيام، ثم علل المصنف لما اختاره بقوله: (لأن الانحراف في لحظة) أي: وقت الإحرام (لا عسر عليه فيه بخلاف الراكب، فإن في تحريف الدابة وإن كان العنان بيده نوع عسر، وربما تكثر الصلاة فيطول عليه ذلك) .

وإذا لم نوجب استقبال القبلة شرطنا ملازمة جهة مقصده (ولا ينبغي أن يمشى في نجاسة رطبة عامدا، فإن فعل بطلت صلاته) فإن كان ناسيا أو غالطا لم يضر (بخلاف ما لو وطئت دابة الراكب نجاسة) فإنه لا يضر على الأصح، (وليس عليه) أي: على الماشي (أن يشوش المشي على نفسه) أي: يكلف نفسه (بالاحتراز) والتحفظ والاحتياط (من النجاسات التي لا يخلو الطريق عنها غالبا) ، فإنه حرج وإذا انتهى إلى نجاسة يابسة ولم يجد عنها معدلا فقال إمام الحرمين فيه احتمال .

(وكل هارب من عدو أو سيل أو سبع فله أن يصلي الفريضة راكبا وماشيا كما ذكرناه في التنفل) في كتاب الصلاة، وتقدم أنه لا يجوز فعل الفريضة على الراحلة من غير ضرورة، فإن خاف انقطاعا عن الرفقة لو نزل أو خاف على نفسه أو ماله فله أن يصليها على الراحلة، وتجب الإعادة ومن فروع الرخصتين لا تصح المنذورة ولا الجنازة على الراحلة على المذهب فيهما، ومنها: شرط الفريضة أن يكون مصليا مستقرا فلا تصح من الماشي المستقبل ولا من الراكب المخل بقيام أو ركوع أو استقبال فإن [ ص: 437 ] استقبل وأتم الأركان في هودج أو سرير أو نحوهما على دابة واقفة صحت الفريضة على الأصح الذي قطع به الأكثرون، منهم صاحب المعتمد والتهذيب وصاحب التتمة والبحر وغيرهم، والثاني لا يصح وبه قطع إمام الحرمين والمصنف، فإن كانت سائرة لم تصح الفريضة على الأصح المنصوص .

ومنها: راكب السفينة لا يجوز تنفله فيها إلى غير القبلة لتمكنه، نص عليه الشافعي وكذا من تمكن في هودج أو على دابة، واستثنى صاحب العمدة ملاح السفينة الذي سيرها وجوز تنفله حيث توجه لحاجة .

ومنها: ما لو انحرف المتنفل ماشيا عن مقصده، فإن كان إلى جهة القبلة فلا يضره، وإن كان إلى غيرها عمدا بطلت صلاته ومنها: أنه يشترط أن يكون ما يلاقي بدن المصلي على الراحلة وثيابه من السرج وغيره طاهرا ولو بالت الدابة أو كان على السرج نجاسة فسترها وصلى عليه لم يضر .

ومنها: أنه يشترط في جواز التنفل راكبا وماشيا دوام السفر والسير فلو بلغ المنزل في خلال الصلاة اشترط إتمامها إلى القبلة متمكنا، وينزل إن كان راكبا، ولو دخل بلد إقامته فعليه النزول وإتمام الصلاة مستقبلا بأول دخول البنيان إلا إذا جوزنا للمقيم التنفل على الراحلة، وكذا لو نوى الإقامة بقرية ولو مر بقرية محتاجا فله إتمام الصلاة، فإن كان له بها أهل فهل يصير مقيما بدخولها؛ قولان أظهرهما لا يصير .

ومنها: أنه يشترط للراكب الاحتراز عن الأفعال التي لا يحتاج إليها فلو ركض الدابة للحاجة فلا بأس، ولو أجراها بلا عذر أو كان ماشيا فعدا بلا عذر بطلت صلاته على الأصح .




الخدمات العلمية