الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            صفحة جزء
            ذكر ما ورد أن مدة الدنيا سبعة آلاف سنة

            وأن النبي صلى الله عليه وسلم بعث في أواخر الألف السادسة

            قال الحكيم الترمذي في نوادر الأصول : حدثنا صالح بن أحمد بن أبي محمد ، حدثنا يعلى بن هلال عن ليث ، عن مجاهد ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إنما الشفاعة يوم القيامة لمن عمل الكبائر من أمتي ، ثم ماتوا عليها ، وهم في الباب الأول من جهنم ، لا تسود وجوههم ، ولا تزرق عيونهم ، ولا يغلون بالأغلال ، ولا يقرنون مع الشياطين ، ولا يضربون بالمقامع ، ولا يطرحون في الأدراك ، منهم من يمكث فيها ساعة ثم يخرج ، ومنهم من يمكث فيها يوما ثم يخرج ، ومنهم من يمكث فيها شهرا ثم يخرج ، ومنهم من يمكث فيها سنة ثم يخرج ، وأطولهم مكثا فيها مثل الدنيا منذ يوم خلقت إلى يوم أفنيت ، وذلك سبعة آلاف سنة " وذكر بقية الحديث .

            وقال ابن عساكر : أخبرنا أبو سعيد أحمد بن محمد البغدادي ، أخبرنا أبو سهل حميد بن أحمد بن عمر الصيرفي ، أخبرنا أبو عمرو عبد الله بن محمد بن أحمد بن عبد الوهاب ، أخبرنا أبو جعفر محمد بن شاذان ابن سعدويه ، أخبرنا أبو علي الحسن بن داود البلخي ، حدثنا شقيق بن إبراهيم الزاهد ، حدثنا أبو هاشم الأيلي عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : " من قضى حاجة المسلم في الله كتب الله له عمر الدنيا سبعة آلاف سنة ، صيام نهاره وقيام ليله " .

            وقال ابن عدي : حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الله البلخي ، ثنا أحمد بن محمد ، حدثنا حمزة بن داود ، حدثنا عمر بن يحيى ، حدثنا العلاء بن زيد عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " عمر الدنيا سبعة أيام من أيام الآخرة " قال الله تعالى : ( وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون ) .

            وقال الطبراني في الكبير : حدثنا أحمد بن النضر العسكري ، وجعفر بن محمد العرياني قالا : حدثنا الوليد بن عبد الملك بن سرح الحراني ، حدثنا سليمان بن عطاء القريشي الحربي عن سلمة بن عبد الله الجهني ، عن عمر بن أبي شجعة بن ربيع الجهني ، عن الضحاك بن زمل الجهني قال : رأيت رؤيا فقصصتها على [ ص: 106 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فذكر الحديث وفيه : إذا أنا بك يا رسول الله على منبر فيه سبع درجات وأنت في أعلاها درجة ، فقال صلى الله عليه وسلم : " أما المنبر الذي رأيت فيه سبع درجات ، وأنا في أعلاها درجة ، فالدنيا سبعة آلاف سنة ، وأنا في آخرها ألفا " أخرجه البيهقي في الدلائل ، وأورده السهيلي في الروض الأنف ، وقال : هذا الحديث وإن كان ضعيف الإسناد فقد روي موقوفا على ابن عباس رضي الله عنه ، من طرق صحاح أنه قال : الدنيا سبعة أيام ، كل يوم ألف سنة ، وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم في آخرها .

            وصحح أبو جعفر الطبري هذا الأصل وعضده بآثار ، وقوله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث : " وأنا في آخرها ألفا " أي : معظم الملة في الألف السابعة ; ليطابق ما سيأتي من أنه بعث في أواخر الألف السادسة ، ولو كان بعث في أول الألف السابعة كانت الأشراط الكبرى : كالدجال ، ونزول عيسى عليه السلام ، وطلوع الشمس من مغربها وجدت قبل اليوم بأكثر من مائة سنة ; لتقوم الساعة عند تمام الألف ، ولم يوجد شيء من ذلك ، فدل على أن الباقي من الألف السابعة أكثر من ثلاثمائة [ سنة ] .

            وقال ابن أبي حاتم في التفسير عن ابن عباس رضي الله عنه قال : الدنيا جمعة من جمع الآخرة سبعة آلاف سنة ، وقال ابن أبي الدنيا في كتاب ذم الأمل : حدثنا علي بن سعد ، حدثنا حمزة بن هشام ، قال سعيد بن جبير : إنما الدنيا جمعة من جمع الآخرة ، وقال عبد بن حميد في تفسيره : حدثنا محمد بن الفضل ، حدثنا حماد بن زيد عن يحيى بن عتيق ، عن محمد بن سيرين ، عن رجل من أهل الكتاب أسلم ، قال : إن الله تعالى خلق السماوات والأرض في ستة أيام ( وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون ) ، وجعل أجل الدنيا ستة أيام ، وجعل الساعة في اليوم السابع ، قد مضت ستة أيام ، وأنتم في اليوم السابع .

            وقال ابن إسحاق : حدثنا محمد بن أبي محمد ، حدثنا عكرمة - أو سعيد بن جبير - عن ابن عباس : أن يهود كانوا يقولون : مدة الدنيا سبعة آلاف سنة ، وإنما نعذب لكل ألف سنة من أيام الدنيا يوما واحدا في النار ، وإنما هي سبعة أيام معدودات ، ثم ينقطع العذاب ، فأنزل الله تعالى في ذلك : ( وقالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودة ) إلى قوله تعالى : ( خالدون ) ، أخرجه ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وقال عبد بن حميد : أنا شبابة عن ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد مثله ، وقال الدينوري في المجالسة : ثنا محمد بن عبد العزيز ، أخبرنا أبي ، قال : سمعت سالما الخواص يقول : سمعت عثمان بن [ ص: 107 ] زائدة يقول : كان كرز يجتهد في العبادة فقيل له : ألا ترح نفسك ساعة ؟ فقال : كم بلغكم عن الدنيا ؟ قالوا : سبعة آلاف ، فقال : كم بلغكم مقدار يوم القيامة ؟ قالوا : خمسين ألف سنة ، قال : يعجز أحدكم أن يعمل سبع يومه حتى ييأس من ذلك اليوم .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية