الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                      صفحة جزء
                                      [ ص: 14 ] قال المصنف - رحمه الله تعالى - : ( وإن أراد الإذن لرجل في الدخول فقال : { ادخلوها بسلام آمنين } فإن قصد التلاوة والإعلام لم تفسد [ صلاته ] ; لأن تلاوة القرآن لا تبطل الصلاة ، وإن لم يقصد القرآن بطلت ; لأنه من كلام الآدميين ) .

                                      التالي السابق


                                      ( الشرح ) قال أصحابنا : الكلام المبطل للصلاة هو ما سوى القرآن والذكر والدعاء ونحوها فأما القراءة والذكر والدعاء ونحوها فلا تبطل الصلاة بلا خلاف عندنا ، وقال أبو حنيفة : [ تفسد ] دليلنا حديث معاوية بن الحكم السابق قريبا فلو أتى بشيء من نظم القرآن بقصد القراءة فقط أو بقصد القراءة مع غيرها كتنبيه إمامه أو غيره أو الفتح على من ارتج أو تفهيم أمر ، كقوله لجماعة أو واحد يستأذنون في الدخول { ادخلوها بسلام آمنين } أو استؤذن في أخذ شيء فيقول : { يا يحيى خذ الكتاب بقوة } وما أشبه هذا فهذا كله لا يبطل الصلاة سواء قصد القراءة أو القراءة مع الإعلام ، وسواء كان قد انتهى في قراءته إلى تلك الآية أو أنشأ قراءتها حينئذ لعموم حديث معاوية وحكى صاحب البيان - وجها - أنه إن كان قصد مع القراءة غيرها بطلت صلاته وليس بشيء ، بل الصواب الذي قطع به المصنف والأصحاب : أنها لا تبطل ، فأما إن قصد الإعلام وحده فتبطل بلا خلاف وإن لم يقصد شيئا فظاهر كلام المصنف وغيره أنها تبطل .

                                      وينبغي أن يفرق بين أن يكون قد انتهى في قراءته إليها فلا تبطل أو لا يكون فتبطل ، ودليل إطلاق البطلان إذا لم يقصد شيئا ما ذكره المصنف أنه يشبه كلام الآدمي ، وقد سبق في تحريم القراءة على الجنب عن إمام الحرمين وغيره أن مثل هذا النظم لا يكون قرآنا إلا بالقصد فإذا أطلقه ، ولم يقصد به شيئا لا يحرم على الجنب ، بل له حكم كلام الآدمي ولو أتى بكلمات من القرآن من مواضع مفرقة ليست في القرآن على النظم الذي أتى به كقوله : يا إبراهيم بسلام كن ، بطلت صلاته ، ولم يكن لها حكم القرآن بحال .

                                      ذكره المتولي والرافعي قال [ ص: 15 ] المتولي : وإن فرق هذه الكلمات ولم يصل بعضها ببعض لم تبطل .

                                      يعني إذا قصد القرآن .

                                      ( فرع ) قال أبو عاصم العبادي في الزيادات : إذا قرأ " والذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك أصحاب النار " فإن تعمد بطلت صلاته وإلا فلا ويسجد للسهو وفيم قاله نظر .

                                      ( فرع ) قد اعتاد كثير من العوام أنهم إذا سمعوا قراءة الإمام { إياك نعبد وإياك نستعين } قالوا : { إياك نعبد وإياك نستعين } وهذا بدعة منهي عنها ، فأما بطلان الصلاة بها فقد قال صاحب البيان : تبطل إلا أن يقصد الدعاء والقراءة ، ولا يوافق عليه .




                                      الخدمات العلمية