السؤال
عن أنس ـ رضي الله عنه ـ أن رجلا كان عند النبي صلى الله عليه وسلم فمر رجل فقال: يا رسول الله إني لأحب هذا، فقال له النبي صلى الله عليه و سلم: أَأَعْلَمْتَهُ؟ قال: لا، قال: أَعْلِمْهُ، فلحقه فقال: إني أحبُّك في الله فقال: أحبَّك الذي أحببتني له. رواه أبو داود، وحسّنه الألباني.فَعَمَلاً بقوله صلّى الله عليه وسلّم أقولُ لكم أيُّها الثُّلَّةُ الأفاضلُ: إنّي لأحبُّكُم في الله، والذي جعلني أحبُّكُم هو كثرة مُطالعاتي لفتاويكُم، حيثُ لمستُ رسوخَكُم في العقيدة السّلفيّة وتعظيمَكُم للسّنّة النّبويّة وثناءَكُم على جهابذة الفرقة النّاجية ـ أحسبكم كذلك والله حسيبكم ولا أزكّي على الله أحدا ـ ولو أنّني أخالفُكُم في بعض المسائل كتزكيتكُم لبعض مَن هُم عندي من أهل البدع والأهواء وغيرها من المسائل التي لا ينبغي بحال من الأحوال أن تدفعني إلى إنكار وهضم فضلِكُم، فقد رُوي عن الإمام المُبَجَّل أحمد بن حنبل قولُه: لم يعبر الجسرَ إلى خراسانَ مثل إسحاق، وإن كان يخالفنا في أشياء، فإن الناس لم يزل يُخالِفُ بعضُهم بعضا.
أسألُ اللهَ أن يعفُوَ عنّي وعنكُم بمنِّه وكَرَمِه.
والسُّؤالُ: وأنا أطالعُ في ترجمة الإمام البخاري من كتاب سير أعلام النّبلاء، عند ذِكر وفاته ـ رحمه الله ـ قرأتُ كلاما ساءني جدّا، قال الإمامُ الذّهبي: وقال أبو علي الغساني: أخبرنا أبو الفتح نصر بن الحسن السكتي السمرقندي، قدم علينا بلنسية عام أربع وستين وأربع مائة، قال: قحط المطر عندنا بسمرقند في بعض الأعوام فاستسقى الناس مرارا، فلم يسقوا، فأتى رجل صالح معروف بالصلاح إلى قاضي سمرقند، فقال له: إني رأيت رأيا أعرضه عليك.قال: وما هو؟قال: أرى أن تخرج ويخرج الناس معك إلى قبر الإمام محمد بن إسماعيل البخاري، وقبره بخرتنك، ونستسقي عنده، فعسى الله أن يسقينا.قال: فقال القاضي: نعم، ما رأيت.فخرج القاضي والناس معه، واستسقى القاضي بالناس، وبكى الناس عند القبر، وتشفعوا بصاحبه، فأرسل الله تعالى السماء بماء عظيم غزير أقام الناس من أجله بخرتنك سبعة أيام أو نحوها، لا يستطيع أحد الوصول إلى سمرقند من كثرة المطر وغزارته، وبين خرتنك وسمرقند نحو ثلاثة أميال. هـ.فَلَم أستغربْ أن يُفعل مثلُ هذا المُنكَر، لأنَّ هناك من ذهب إلى أبعَدَ من ذلك ولم يستسقوا اللهَ عند القبور، بل استسقوا المقبورينَ أنفُسَهُم ـ عياذاً بالله.
لكنّ الذي هالني هو ذكرُ الإمام الذّهبيِّ لمثل هذه البدعة المُنكَرَة ثمَّ لَمْ يستقبحْها ولم يعلِّقْ عليها بشيء!! وهذا خلافُ منهجه في الكتاب، حيثُ عَقَّبَ في مرّات لا تُحصى كَثْرَةً على كثير ممّا أوردهُ بقوله قلتُ: هذا باطل وإفك مبين، وهذا القول خطأ فاحش، هذا القول فيه نظر، الصحيح خلاف هذا، هذا خلاف السنّة، قبَّح الله دولة أماتت السنة ورواية الآثار النبوية، وأحيت الرفض والضلال، وغيرها من العبارات الدّالة على إنكار الإمام على ما أورده من أقوال أو أفعال تُخالفُ الحقَّ والصَّواب، في الوقت الذي لم يعرِّج فيه على الرواية المُشار إليها آنِفا ولو بحرف واحد!.فَعَلامَ يمكنُ أن نحمل سكوتَه ـ رحمه الله ـ عن مثل هذه البدعة المُنكَرة التي تُفضي إلى الشّرك الأكبر ـ نعوذ بالله من الخذلان؟.
باركَ اللهُ في عِلمِكُم وجزاكُم عنّي وعن المسلمين خيراً.