الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فاعلمي أيتها الأخت أنك صبرت على تفريط زوجك في حق فرضه الله لك عليه، وصبرك هذا لك عند الله به أعظم الجزاء كما وعد الصابرين بذلك حيث قال: وبشر الصابرين، فأبشري ببشارة الله لك على ما تحملتيه من ألم، وصبرت على نكد العيش وتضييق الزوج، وكان على زوجك أن يفي لك بما أمره الله به من العشرة بالمعروف والنفقة والعدل.. وننصحك بعدم التحسر على ما فات وفتح باب الوساوس، فإن لو تفتح عمل الشيطان، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في البخاري.
وعليك أن تنسي ذلك وتفتحي صفحة جديدة، عندئذ تستطيعين أداء حق الله وحق نفسك والاهتمام بأمورك، فإن الجزع لا يحبه الله، قال تعالى: وَلاَ تَيْأَسُواْ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ {يوسف:87}، والحزن لا يأتي بخير لذلك نهى رسوله عنه، قال تعالى: وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُن فِي ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ {النمل:70}، فلا ينبغي لك قضاء وقتك في الهموم والأحزان والتأوهات لأنها تؤدي إلى الهلاك، وقد بين الله تعالى أن كثرة الحزن مفضية إلى ذهاب منافع البدن كالبصر وغيره، قال تعالى: وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ {يوسف:84}، ومرضك الذي ذكرت هو منه أو يزيده.
كما ننصحك أن تعفي عن زوجك، لقوله تعالى: وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ {الشورى:43}، فقد صبرت وبقي أن تغفري له وتسامحيه وستجدين ذلك عند الله تعالى، وقد أثنى الله على المؤمنين بقوله: وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ {الشورى:37}، وقال تعالى: ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ {المؤمنون:96}، فهذه الآيات تدل على أن الأولى للعبد العفو والمغفرة والصبر وهذا ما ننصحك به، وننصحك بدوام التسبيح فإنه يزيل الهم وضيق الصدر، قال تعالى موصياً رسوله صلى الله عليه وسلم بذلك وهو يواجه أفظع أنواع التآمر: وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ* فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ {الحجر:97-98}.
أما مطالبتك بحقوقك التابعة للطلاق.. فقد ذكرت أنك تنازلت عنها أمام القضاء.. فإن كان كذلك فليس لك بعد ذلك المطالبة بها من الورثة، وما ذكرتيه من أنك مطلقة وتعيشين الآن بلا زوج ولا ولد فأقرب طريق لذلك هو الدعاء والتقرب لله، فإنه هو القائل: وَإِن يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللّهُ كُلاًّ مِّن سَعَتِهِ {النساء:130}، والقائل: وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمْ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ {النور:33}، وأبشري بوعد الله وفضله.. وفقك الله لما يحب ويرضى، ورزقك الزوج الصالح والولد قرة العين.. وللمزيد من الفائدة راجعي الفتاوى ذات الأرقام التالية: 97457، 49507.
والله أعلم.