الخلاصة:
لا يجوز تعمد الكذب إلا في حالة الضرورة التي لا يمكن الوصول إليها إلا بالكذب.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإنه من المعلوم عند كل مسلم وجوب الصدق وحرمة الكذب وشهادة الزور.. كما سبق بيانه بالأدلة وأقوال أهل العلم في عدة فتاوى ومنها التالية أرقامها: 1052، 108683، 100256.
وعلى ذلك فإن كانت الشهادة التي قدمت واليمين الذي حلفت على كذب وبدون مبرر شرعي ؛ فإن ذلك كبيرة من كبائر الذنوب والواجب عليك المبادرة بالتوبة النصوح منه إلى الله تعالى وإخراج الكفارة على قول بعض أهل العلم كما سبق بيانه في الفتاوى المشار إليها.
أما إذا كان لذلك مبرر شرعي من حماية مسلم أو ماله أو عرضه من الظلم والجور؛ فإنه لا حرج عليك في ذلك بل ربما كان واجبا إذا لم يمكن الوصول إليه بغير الكذب.
قال الإمام النووي- رحمه الله- في كتابه القيم: رياض الصالحين: باب بيان ما يجوز من الكذب،: اعلم أن الكذب وإن كان أصله محرماً فيجوز في بعض الأحوال بشروط قد أوضحتها في كتاب الأذكار، ومختصر ذلك أن الكلام وسيلة إلى المقاصد، فكل مقصود محمود يمكن تحصيله بغير الكذب يحرم الكذب فيه، وإن لم يمكن تحصيله إلا بالكذب جاز الكذب، ثم إن كان تحصيل ذلك المقصود مباحاً كان الكذب مباحاً، وإن كان واجباً كان الكذب واجباً، فإذا اختفى مسلم من ظالم يريد قتله أو أخذ ماله وأخفى ماله وسأل إنسان عنه وجب الكذب بإخفائه، وكذا لو كان عنده وديعة وأراد ظالم أخذها وجب الكذب بإخفائها، والأحوط في هذا كله أن يوري، ومعنى التورية أن يقصد بعبارته مقصوداً صحيحاً ليس هو كاذباً بالنسبة إليه وإن كان كاذباً في ظاهر اللفظ وبالنسبة إلى ما يفهمه المخاطب، ولو ترك التورية وأطلق عبارة الكذب فليس بحرام في هذا الحال.
كما أن الحلف على الكذب قد رخص فيه أهل العلم إذا تعين وسيلة للوصول إلى حق أو لدفع ضر بحيث لا يتحقق ذلك بدون الكذب ، وانظر تفاصيل ذلك وأدلته في الفتاوى المشار إليها.
والله أعلم.