الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فمما تظاهرت عليه الأدلة من الكتاب والسنة والإجماع وجوب نفقه الزوجات على الأزواج، والأولاد على الآباء، يقول الله تعالى: وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوف {البقرة:233}. وقال تعالى: لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّه {الطلاق:7}.
وروى البخاري أن هند بنت عتبة قالت يا رسول الله: إن أبا سفيان رجل شحيح، وليس يعطيني ما يكفيني وولدي إلا ما أخذت منه وهو لا يعلم، فقال عليه الصلاة والسلام: خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف.
وقد أجمع العلماء على وجوب نفقة الزوجة على زوجها إذا كانا بالغين، ولم تكن الزوجة ناشزاً، وعلى أولاده الأطفال الذين لا مال لهم. يقول ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه العلم أن على المرء نفقة أولاده الأطفال الذين لا مال لهم.
ولا خلاف بين العلماء أن النفقة يتحملها الأب وحده دون الأم حتى ولو كانت الأم غنية.
وبناء على ذلك؛ فإن المرأة ولو كانت غنية لا تطالب بشي من النفقة لا على نفسها ولا على أولادها بل هذا كله على الزوج.
وقد قرر الفقهاء أن النفقة الواجبة على الزوج ينبغي أن تحقق ما يلي:
1- المسكن الصالح الذي تصان فيه حرمة الزوجة والأولاد وصحتهم وكرامتهم.
2- اللباس الصالح الذي يصونهم من الابتذال، ويدفع عنهم أذى الحر والبرد، ويعتاده أمثالهم من الأقارب والجيران.
3- الطعام الصالح الذي يغذي الجسم، ويدفع المرض، ويأكله الناس عادة من غير إسراف ولا تقتير.
4- العلاج والدواء الذي تحتاجه المرأة ويحتاجه الأولاد.
5- مصاريف تعليم الأولاد.
وأنت أيتها السائلة قد ذكرت أن الزوج يعطيك مصروفا شهريا، فإذا كان هذا المصروف يكفي ما ذكرنا من وجوه النفقة فقد أدى الزوج ما عليه, وإن لم يكن يكفي فعليك أن تطالبيه بما يحقق هذه الكفاية, فإن لم يستجب فعليك برفع الأمر للقضاء الشرعي ببلدك ليجبره على النفقة الواجبة.
أما ما يريده زوجك من جعل الأقساط باسمك أو الاعتماد عليك في النفقة فهذا ليس حقا له كما قدمنا, فعليه أن يتقي الله وأن يقوم بحقوق بيته وأسرته, ففي سنن أبي داود عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يقوت. حسنه الألباني.
وأما خروجك من بيته إلى بيت أبيك وامتناعك من الرجوع إلى بيته وكذا امتناعك عن فراشه بحجة أنه مضيع للحقوق فهذا حرام لا يجوز، بل وفاعله مستحق للعن, فكونه مفرطا في بعض الحقوق لا يسوغ لك مقابلة ذلك بالتفريط أيضا، إذ الكل مسؤول عن عمله أمام الله, ولكن عليك باللجوء للقضاء كما ذكرنا، فإما أن يلتزم بالنفقة المطلوبة، وإما أن تطلبي منه الطلاق إذا أردت.
وللفائدة تراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 108627, 31699, 17203.