الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا نرى سببا لهذا الخلط فالأمر بحمد الله واضح, فإن النخيل إذا بدا صلاح ثمره فقد وجبت فيه الزكاة وهي حينئذ من باب زكاة الزروع والثمار ولا مدخل لها في باب زكاة عروض التجارة.
قال الشيرازي في المهذب: ولا يجب العشر حتى يبدو الصلاح في الثمار, وبدُوُّ الصلاح أن يحمر البُسر أو يصفر ويتموه العنب لأنه قبل بدُوّ الصلاح لا يقصد أكله فهو كالرطبة وبعده يقتات ويأكل فهو كالحبوب. انتهى.
فإذا بدا صلاح الثمر فقد وجبت فيه الزكاة إذا كان نصابا وهو خمسة أوسق، وما وجب عليك زكاته من التمر فإنه يجب عليك إخراج القدر الواجب، وإنما يجب إخراج الزكاة بعد الجذاذ ولا فرق في وجوب الإخراج بين ما إذا كانت ادخرت التمر لتقتات منه أو بعته بعد الجذاذ, وقدر الزكاة الواجب فيه هو نصف العشر إن كان يسقى بكلفة والعشر إن كان يسقى بدونها. وأما إذا بعته بعد بدُوِّ الصلاح وقبل الجذاذ فقد اختلف العلماء في صحة هذا البيع, ولعل الأقرب صحته لأن الزكاة وإن كانت تجب في عين المال فلها تعلق بالذمة ولعدم قيام دليل واضح على المنع والأصل الإباحة ولما فيه من تيسير على الناس, والشريعة مبنية على اليسر ورفع الحرج.
وقد ذكر النووي رحمه الله خلاف الشافعية في هذه المسألة ثم لخص الخلاف فقال في شرح المهذب: والحاصل من هذا الخلاف كله ثلاثة أقوال, أصحها: يبطل البيع في قدر الزكاة ويصح في الباقي, والثاني: يبطل في الجميع, والثالث: يصح في الجميع, فإن صححنا في الجميع نُظِرَ إن أدى البائع الزكاة من موضع آخر فذاك. انتهى.
والحاصل أن الصحيح جواز بيع الثمر بعد بدوّ الصلاح لكن يجب عليك خرصه أي تقدير الثمرة الحاصلة منه ويستقر في ذمتك قدر الزكاة الواجب وهو العشر أو نصفه من القدر الذي دل عليه الخرص، وقد وضحنا ذلك بالتفصيل في الفتوى رقم: 69455.
وقد بينا حكم إخراج القيمة بدلَ العين المنصوصة ورجحنا المنع وأنه يلزمك إخراجُ زكاة النخيل تمرا ، فإن كنت بعته فيلزمك شراءُ مقدار الزكاة ودفعه للفقراء، وانظر الفتوى رقم: 113817.
والله أعلم.