تحريم تفضيل إحدى الزوجتين على الأخرى

2-12-2008 | إسلام ويب

السؤال:
سافر زوجي للعمل بالسعودية بعد إنجاب 4 أبناء وهو هوائي يعشق النساء ولا يهمه حلال من حرام رفض رفضا باتا أن يأخذني معه والأولاد رغم أن ثلاثة منهم بنات وفي سن مراهقة ولا يهمه مهما قلت له إن البنات محتاجين لأب بالذات في هذه السن عايش لنفسه ونزواته فقط. طلقت منه مرتان وباقي الثالثة كلما مشى مع امرأة هجرنا إليها إلى أن تتركه فيعود تائبا نادما حتى يجد غيرها وهكذا الحياة تسير منذ 8 سنوات.
عزائي الوحيد أنه كان يرسل إلي لأذهب إلى السعودية مرتين في السنة لأداء العمرة وحدي وكل مرة أجلس لمدة أسبوع أناجي فيهم ربي أشكو له همي وأكحل عيني برؤية الكعبة وزيارة مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم
ولكنه الآن حرمني من أداء العمرة في رمضان ويرغب في إلغاء إقامتي كي لا أذهب مرة أخري لأنه تزوج من أخرى ولا يريد أن أنكد عليه حياته حيث قال لي لا مكان لي المكان لا يسع سواي وزوجتي الجديدة ..أشعر بنار تحرق بداخلي حتى أولادي أصبحت أخشي عليهم مني.
فضيلة الشيخ أنا معلمة قرءان كريم أحفظ كثيرا من كتاب الله عز وجل مجودا وأحاول جاهدة تدبر آياته وأعرف أن الله مع الصابرين وأن البلاء يصيب المؤمن أكثر من الكافر ولكني لا أستطيع أن أمنع نفسي من الرغبة الشديدة في الانتقام من هذا الرجل ودائما أحلم برجل يحتويني ويحبني ويحب أبنائي ويعوضني الحنان الذي لم أجده مع هذا الزوج الخائن ويعوض أبنائي عن يتمهم وأبوهم حي يرزق حسبي الله ونعم الوكيل أعرف أن هذا حرام التفكير حتى ولو بالخيال ولكن ماذا أفعل لا أستطيع أن أمنع نفسي من الدعاء عليه ليل نهار أن يأخذه أخذ عزيز مقتدر وأن ينتقم لي ولأبنائي منه أشد انتقام اللهم آمين
هل أنا مخطئة حينما رفضت عمل حواجبي لأن الله لعن النامصة والمتنمصة؟ هل أنا مخطئة عندما أرفض الخروج معه في ليالي رمضان لحضور الخيم الرمضانية والرقص الشرقي والشيشة وغيره عندما أقول له إن ليل رمضان غال فلا نضيعه فقد لا يعود ولكني زوجتك ولك كل الحقوق علي إلا المعصية , هذا رجل لا يندم عليه إنسان ولكن أولادي محطمون نفسيا يقولون لي كثيرا ماذا فعلت بك الملابس الحشمة أستغفر الله وماذا فعل بك هجرك للتلفاز والفرجة على الفيديوهات الفاضحة إنه يستهزأ بي أمام أبنائي ويعايرني بأنني متخلفة أنا كرهت نفسي كنت أفعل له كل شيء في البيت وأقول له أنا لك أنت وحدك ولست للآخرين وأتجمل وأرتدي ما يحبه الرجل من زوجته ولكنه لا يراني ويقارن دائما بيني وبين عشيقاته ماذا أفعل كرهت كل شيء فيه وأحسبن عليه ليل نهار وكلما اتصلت به لأصلحه أغلق في وجهي الهاتف وينهرني لأنه يريد أن يتمتع بزوجته الجديدة طيب وأولادي أين العدل أستغفر الله العظيم وأين انتقام الله عز وجل من مثل هذا الرجل وأمثاله من تاركي زوجاتهم والذين يجرون وراء شهواتهم ونزواتهم وهل لو تزوج الزوج بأخرى أجلسها معه وترك الأولى بأولادها تفعل بهم الدنيا ما تشاء طالما يرمي لنا كل شهر قرشين أين العدل ألست امرأة أحلم بأن يكون لي زوج أعيش معه ويراعي الله في؟ أليس هذا من حقي وأنا مازلت في أواخر الثلاثينات من عمري ماذا أفعل؟

الإجابــة:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلا شك أن هذا الزوج قد أساء وبغى وقابل نعم الله سبحانه بالجحود والنكران، فإن من أعظم نعم الله على العبد أن يمن عليه بزوجة صالحة، إن استقام على أمر ربه أعانته، وإن غفل ذكرته، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنما الدنيا متاع، وليس من متاع الدنيا شيء أفضل من المرأة الصالحة. رواه النسائي وغيره وصححه الألباني.

وقد أحسنت – أحسن الله إليك – عندما امتنعت عما طلبه منك من المعاصي ومشاهدة مشاهد الزور والمجون، وإن من الغرابة جرأة هذا الزوج على أن يأمر زوجته بمعاصي الله وانتهاك حدوده في أفضل أيام العام في شهر الصيام، ويريدها أن تخرج لسماع الأغاني الماجنة، ومشاهدة الرقص والفجور وغير ذلك مما تشتمل عليه هذه الأماكن، وهل هذا إلا ضرب من الدياثة وقلة الغيرة والحياء؟

وإن من جحوده أيضا لنعم الله عليه أن يمنع زوجته الأولى حقوقها التي أوجب الله لها من المبيت والقسم والسفر معه إذا سافر وغير ذلك، فإن الزواج نعمة لا يقدرها كثير من الناس، والزواج بثانية نعمة أخرى وكلما تتابعت نعم الله على العبد وجب عليه أن يجتهد في الشكر لا أن يقابلها بالعصيان، وقد سبق أن بينّا أن العدل بين الزوجات فرض على الإنسان لا يسعه تركه، بل إن شرط التعدد هو العدل. قال سبحانه: فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ  {النساء:3}،، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من كانت له امرأتان فمال إلى إحداهما جاء يوم القيامة وشقه مائل. رواه أبو داود وغيره وصححه الألباني.

قال ابن حزم رحمه الله في المحلى: والعدل بين الزوجات فرض، وأكثر ذلك في قسمة الليالي. انتهى.

وقال ابن القيم رحمه الله في زاد المعاد: وكان يقسم صلى الله عليه وسلم بينهن في المبيت والإيواء والنفقة.. ولا تجب التسوية في ذلك أي الحب والجماع لأنه مما لا يملك. اهـ.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: يجب عليه العدل بين الزوجتين باتفاق المسلمين، وفي السنن الأربعة عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من كانت له امرأتان ......" فعليه أن يعدل في القسم فإذا بات عندها ليلة أو ليلتين أو ثلاثا بات عند الأخرى بقدر ذلك لا يفضل إحداهما في القسم. اهـ من مجموع الفتاوى.

أما بالنسبة لسفر زوجك فالظاهر أنه قد استقر في مكان سفره، فإن كان الأمر كذلك فعليه حينئذ أن يأخذك إلى حيث استقر إلا أن تتنازلي أنت عن ذلك، فإن لم يفعل ومنعك حقك في القسم عند ذلك يمكنك طلب الطلاق منه للضرر الواقع عليك بذلك، وتراجع الفتوى رقم: 56440.

وأما بالنسبة للدعاء على زوجك فلا شك أنه ظالم، والدعاء على الظالم مشروع، وقد سبق لنا بيان حكم ذلك في الفتوى رقم: 22409، ولكن الأولى أن تتركي الدعاء عليه، وأن تطالبيه بالعدل وأن يبذل لك سائر حقوقك، فإن استجاب وإلا فاطلبي منه الطلاق، ولعل الله سبحانه أن يرزقك زوجا صالحا بعده يحقق لك ما تصبو إليه نفسك من الرحمة والمودة والطمأنينة والرأفة بك وبأولادك.

وفي النهاية فإنا ننبهك إلى أمرين:

أولا: لا يجوز لأحد أن يتدخل في شؤون الله سبحانه من التعذيب والإهلاك وإنزال العذاب بالبغاة الظالمين، لأننا عبيد مقهورن وأنّى للعبد أن يتدخل في شؤون مولاه، وقد قال الله لنبيه ومصطفاه: لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ  {آل عمران: 128}.

ثانيا: عدم جواز سفر المرأة وحدها للعمرة بل لا بد من زوج أو محرم يصحبها وإلا فلا تسافر؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة إلا مع ذي محرم. رواه الشيخان، ولهما أيضاً عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم، ولا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم. فقام رجل فقال: يا رسول الله، إن امرأتي خرجت حاجة، وإني اكتتبت في غزوة كذا وكذا، فقال: انطلق فحج مع امرأتك.

وهذا بخلاف حج الفريضة فإن الراجح أن الرفقة المأمونة فيه تسد مسد المحرم عند عدمه أو تعذره. وللفائدة تراجع الفتاوى التالية: 77512، 34111، 17609.

والله أعلم.

www.islamweb.net