الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالذي دلت عليه نصوص الكتاب والسنة وأجمع عليه الصحابة والتابعون والأئمة، أن الله تعالى بائن من خلقه مستو على عرشه، وعرشه فوق سمواته.. ومعنى الاستواء عند أهل السنة والجماعة هو: العلو والارتفاع والصعود.. وأن معية الله لنا مع علوه سبحانه معناه معية العلم والإحاطة ونحو ذلك، والقول بأن الله تعالى بذاته معنا في كل مكان كفر صريح، قال الإمام ابن خزيمة: من لم يقل إن الله فوق سمواته على عرشه بائن من خلقه وجب أن يستتاب، فإن تاب وإلا ضربت عنقه، ثم ألقي على مزبلة لئلا يتأذى به أهل القبلة ولا أهل الذمة. انتهى. وقد سبق تفصيل ذلك وبيان أدلته وأقوال الأئمة فيه، والرد على من يخالفه، وذلك في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 8825، 6707، 66332، 4117، 107461.
وأما حكم الدراسة في هذا المعهد فالأصل أن يبتعد المسلم عن أهل البدع والأهواء، فإن هذا العلم دين فينبغي أخذه من أهله، كما روى مسلم في صحيحه عن ابن سيرين قال: إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم.
فإن توفر غيره من المعاهد التي تلتزم بمذهب أهل السنة فلا تصلح الدراسة فيه، فإن سماع البدع من المنكرات التي يحرم السكوت عليها مع القدرة على إنكارها، وقد قال تعالى: وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلاَ تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ {الأنعام:68}، وإذا لم يتوفر غيرها واستطعت الرجوع لأهل العلم الثقات للوقوف على حقيقة بدعهم بحيث لا تتأثر بها ولا تشتبه عليك، فلا حرج في إكمال تلك الدراسة إن شاء الله، فإنه من المعلوم أن الدراسة النظامية أقرب لتحصيل العلم بمنهجية وتدرج وانتظام، وعليك حينئذ أن تبين الحق بقدر طاقتك سواء للشيوخ أو الطلبة، وراجع للمزيد من الفائدة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 30036، 38541، 48968، 117669.
والله أعلم.