الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنسأل الله سبحانه أن يثبتك على صراطه المستقيم، وأن يقيك شر الفتن، وأن يصلح أحوال المسلمين في كل مكان. والذي يظهر من السؤال أن في كلا الاحتمالين شرورا مستطيرة وفتنا كبيرة، وإذا كنت تخشى الوقوع في شيء من ذلك فالواجب تجنب العمل في كلا المجالين ولو أدى الحال إلى العمل خارج البلد، فإن دين المرء هو رأس ماله وهو أولى شيء يجب الاعتناء به، وإن لم يمكن ذلك أو أمنت الفتنة فيما ذكرته فإن المقارنة تكون على النحو التالي:
وبما أنك قد ذكرت في سؤالك أن ظروف العمل في الشركات هي نفسها ظروف العمل في التدريس، باستثناء فتنة التبرج، فإن الأمر يؤول إلى الموازنة بين مصلحة الاستزادة من طلب العلم، وبين فتنة التبرج. ولا شك أن فتنة النساء ليست بالهينة. فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء. متفق عليه. وقال أيضا: فاتقوا الدنيا، واتقوا النساء، فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء. رواه مسلم.
فإذا كنت تخشى من الافتتان بالمتبرجات المتواجدات في مجال التدريس، فيجب عليك الابتعاد عنه، والبحث عن عمل آمن من تلك الفتنة، ولو أدى ذلك إلى ترك الاستزادة من العلم؛ فإن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح، كما هو متقرر في قواعد الشريعة. وانظر الفتوى: 69075.
أما إن كنت تأمن على نفسك من تلك الفتنة، فلا حرج عليك في العمل بالتدريس إن شاء الله، لا سيما مع وجود مصلحة الاستزادة من العلم. ثم اعلم يا أخي الكريم أن فعل المحرمات لا يبيحه إلا وجود ضرر محقق يشق احتماله، وليس مجرد مراقبة من رجال الأمن أو سخرية من بعض الناس. وقد سبق بيان الضرورة في الفتوى: 15719.
وراجع بخصوص حلق اللحية الفتويين: 3198، 73403. وبخصوص الإسبال الفتوى: 20749، والفتوى: 49753.
وبخصوص الاختلاط الفتاوى: 72264، 35079، 6185 وما أحيل عليه فيها من فتاوى. وبخصوص الجمع بين الصلاتين راجع الفتاوى: 2160، 5589، 13041.
والله أعلم.