الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنسأل الله تعالى أن يعافيك، وأن يقيك شر نفسك وشر الشيطان وشركه، ثم اعلمي أن ما تشتكين منه، إنما هو من الشيطان، فإنه حريص على كل ما من شأنه أن يُحزِن ابن آدم، كما قال تعالى: إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئاً إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ {المجادلة:10}.
وهذا هو مكمن العلاج، أن يتوكل المؤمن على ربه حق التوكل، ويعلم أنه لا يصيبه شيء إلا بإذنه سبحانه، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الطيرة شرك، وما منا إلا، ولكن الله يذهبه بالتوكل. رواه أبو داود والترمذي، وقال: حسن صحيح ـ وابن ماجه وأحمد، وصححه الألباني.
فعليك ـ أختنا الكريمة ـ أن تطرحي عن نفسك هذه الأفكار وتكفِّي عنها، وأن تتعوذي بالله من الشيطان، فإن المعصوم من عصم الله، ولا يأتي بالخير ولا يدفع الشر إلا هو عز وجل، ولذلك أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالتعوذ بالله عند حصول مثل شكايتك، حيث قال صلى الله عليه وسلم: إن للشيطان لمة بابن آدم، وللملك لمة، فأما لمة الشيطان: فإيعاد بالشر وتكذيب بالحق. وأما لمة الملك: فإيعاد بالخير وتصديق بالحق، فمن وجد ذلك فليعلم أنه من الله فليحمد الله، ومن وجد الأخرى فليتعوذ بالله من الشيطان الرجيم. رواه الترمذي وحسنه، وابن حبان، وصححه الألباني في صحيح موارد الظمآن.
ثم نوصيك بأن تحققي الإيمان بقضاء الله وقدره ـ بأن تعلمي أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك، وأنه تعالى أرحم بك من نفسك ومن والديك، وأن تثقي بأن اختيار الله لك خير من اختيارك لنفسك ـ فيحصل منك الرضا، وإنما الرضا ـ كما يقول ابن القيم ـ سكون القلب إلى قديم اختيار الله للعبد أنه اختار له الأفضل فيرضى به. اهـ.
ولا شك أن للإيمان بالقضاء والقدر ثمرات جليلة، منها: راحة البال وطمأنينة النفس وثبات القلب وزيادة الإيمان بالله والقناعة بما قسم.
ومنها: الصبر والثبات عند الشدائد، وترك المعارضة والاعتراض، وقد سبق لنا ذكر ذلك، مع مفهوم القضاء والقدر ومراتبه، في الفتوى رقم: 67357، كما سبق بيان آثار الإيمان عموما في حياة المسلم، ومنها تحقيق السعادة والطمأنينة، والأمن في الدنيا والآخرة، والثبات أمام الفتن وذلك في الفتوى رقم: 38814.
والله أعلم.