الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن كانت الفوائد المذكورة هي نتيجة إيداع المال في بنوك ربوية فهي محرمة، لكن سبق وأن بينا في الفتوى رقم: 137341. أن ما كان استعمله أبوكم من الفوائد جاهلا بحرمته متبعا من أفتوه بإباحته فلا حرج عليه فيه. ولا يلزمكم إخراج بدله.
وأما ما كان باقيا من تلك الفوائد فيجب التخلص منه بصرفه في مصالح المسلمين ودفعه إلى الفقراء والمساكين . وكونه إرثا لا يبيح ذلك امتلاكه، والتصرف فيه، لكن من كان من الورثة فقيرا فيجوز أن يعطى منه بقدر حاجته.
قال النووي في المجموع: (وله ( أي حائز المال الحرم) أن يتصدق به على نفسه وعياله إن كان فقيراً .. وله أن يأخذ قدر حاجته لأنه أيضاً فقير.)
وقال ابن رشد الجد المالكي: وأما الميراث فلا يطيب المال الحرام هذا هو الصحيح الذي يوجبه النظر. اهـ
وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى عن رجل مراب خلف مالاً وولداً وهو يعلم بحاله، فهل يكون حلالاً للولد بالميراث أم لا؟ فأجاب (وأما القدر الذي يعلم الولد أنه ربا فيخرجه: إما أن يرده إلى أصحابه إن أمكن، وإلا تصدق به، والباقي لا يحرم عليه، لكن القدر المشتبه يستحب تركه …وإن اختلط الحلال بالحرام وجهل قدر كل منهما جعل ذلك نصفين) انتهى
وإذا لم تعلموا مقدار الباقي من الفوائد احتطتم في ذلك حتى تتيقنوا أنكم أخرجتم الحرام. قال الإمام القرطبي في الجامع لأحكام القرآن (3/ 366): "قَالَ عُلَمَاؤُنَا إِنَّ سَبِيلَ التَّوْبَةِ مِمَّا بِيَدِهِ مِنَ الْأَمْوَالِ الْحَرَامِ إِنْ كَانَتْ مِنْ رِبًا فليردها على من أربى عليه، ومطلبه إِنْ لَمْ يَكُنْ حَاضِرًا، فَإِنْ أَيِسَ مِنْ وُجُودِهِ فَلْيَتَصَدَّقْ بِذَلِكَ عَنْهُ. وَإِنْ أَخَذَهُ بِظُلْمٍ فَلْيَفْعَلْ كَذَلِكَ فِي أَمْرِ مَنْ ظَلَمَهُ. فَإِنِ الْتَبَسَ عَلَيْهِ الْأَمْرُ وَلَمْ يَدْرِ كَمِ الْحَرَامُ مِنَ الْحَلَالِ مِمَّا بِيَدِهِ، فَإِنَّهُ يَتَحَرَّى قَدْرَ مَا بِيَدِهِ مِمَّا يَجِبُ عَلَيْهِ رَدُّهُ، حَتَّى لَا يَشُكَّ أَنَّ مَا يَبْقَى قَدْ خَلَصَ لَهُ فَيَرُدُّهُ مِنْ ذَلِكَ الَّذِي أَزَالَ عَنْ يَدِهِ إِلَى مَنْ عُرِفَ مِمَّنْ ظَلَمَهُ أَوْ أَرْبَى عَلَيْهِ. فَإِنْ أَيِسَ مِنْ وُجُودِهِ تَصَدَّقَ بِهِ عَنْهُ." انتهى