الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فمن الواضح أن السائل لم يكن يجب عليه أن ينفق على هؤلاء الأضياف خلال هذه المدة الطويلة ولا أن يشارك في النفقة عليهم، لأنهم أولا ليسوا أضيافه هو، وثانيا لأن الضيافة الواجبة لا تزيد على ثلاثة أيام، وراجع في ذلك الفتويين رقم: 35629، ورقم: 111083.
والقاعدة أن ما ينفقه المرء من نفقة لا تلزمه شرعا إذا أنفقه بقصد التطوع، فليس له حق الرجوع فيه، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: العائد في هبته كالكلب يعود في قيئه، ليس لنا مثل السوء. رواه البخاري ومسلم.
وأما إذا أنفق بنية الرجوع فإن له أن يرجع به إذا أثبت ذلك ببينة من إشهاد، أو إقرار المدعى عليهم، وراجع ذلك في الفتوى رقم: 114540.
والذي فهمناه من سؤالك أن ما شاركت به في النفقة على معيشة هؤلاء الأضياف لم تنو به الرجوع، بل ظاهر السؤال أنهم عرضوا دفع تكلفة معيشتهم ورفض السائل ذلك، كما يدل عليه قوله: لم أكن أقبل أن يدفعوا تكاليف المعيشة ـ وعلى ذلك فليس لك الحق في المطالبة بهذه النفقة بعد ذلك، وبالتالي فلا وجه للمقاصة بين ذلك وبين ما يجب عليك من النفقة وأجرة السكن، فتبقى هذه الأمور دينا مستقرا في ذمتك يجب عليك أن تؤديه لصاحبه، ولا يتغير هذا الوجوب بسبب إتيان صاحبك بصديقه وتغير عقد الإجارة باسمه ليسكنه مكانه، فقد كان بوسعك أن تترك هذا السكن بمجرد أن يحصل ذلك، ولكنك بقيت وانتفعت بالسكنى والنفقة فوجب عليك أن تؤدي ما عليك من الحق، وقد قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ {النساء: 29}.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه. رواه مسلم.