الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يطالب الولد بما دفعه لأبيه في حياته وبعد موته إذا كان غير متبرع

السؤال

أنا أكبر أخوتي التسعة عملت منذ سن 19 سنة وكل راتبي أعطيه لوالدي لمساعدته على نفقات إخوتي معيشيا ودراسيا وتكاليف زواجهم أثناء الدراسة لمدة 10 سنوات وعندما تخرج إخوتي من الجامعات واشتغلوا لم يدفعوا للوالد شيئاً وكل واحد فيهم يشتغل لنفسه وزوجته وأولاده مع الأخذ بالاعتبار أن الوالد ميسور الحال إلا أنه بعد ما رأى أن إخوتي لا يدفعون رواتبهم له قال لي يجب أن تشتغل لنفسك ولعيالك لأنك هكذا سوف تكون مظلوما إخوتك يكنزون لأنفسم وما تعطيني أنت إياه يصبح مالي أنا وسيكون تركة بالنهاية (بعد عمر طويل)، فقلت له أنا الآن مظلوم بعد 10 سنوات تقول لي هذا الكلام أنا الآن لدي أولاد والتزمات كثيرة وكلهم أقل مني مسؤوليات وأكثر مني مالا، فقمنا بحساب قيمه عملي خلال العشر سنوات وأعطاني قيمة شقة علماً بأن قيمة الشقه هي ثلث المبلغ الذي عملت به وطلب مني المسامحه فقلت له بعد تردد وألم يعتصر قلبي على عمري الذي راح ومعروفي مع إخوتي الذي لم يثمر وحالتي المادية الضعيفة قياسا عليهم دون أدنى شعور منهم قلت له (أنت مسامح) و(أمي مسامحة) والدي سكت لأنه لم يفهم قصدي وأنا قصدت أن مالي الذي لديه إذا استهلكه في حياته فهو مسامح ولكن إذا تركه وراءه لأولاده فأنا لا أسامح إخوتي لأنهم يرثون أباهم ولا يرثون أخاهم الذي هو أنا ( إذا أعطانا الله عمراً بعد والدنا)، فما حكم مطالبتي بتعبي عن تلك السنين، وهل يجوز مطالبة إخوتي بحقي في حال تقاسم التركه ومن ضمنها أموالي المخلوطة مع مال والدي، علما بأنني لا أريد فتح الموضوع مع والدي لأنه يغضب كثيراً ويقول كلنا ضحينا لإخواننا وروح اشتغل وكون نفسك وأنت ومالك لأبيك، علما بأن هذه القاعدة لم تطبق على باقي إخوتي بل طبقت علي أنا فقط أنت ومالك لأبيك وأذكر أن الوالد ميسور الحال، فأفيدوني حيث إن هذا الموضوع غير مقبول عندي كلما رأيت من إخوتي جحودا تجاهي وأمورهم جيدة وأنا وضعي ضعيف وشكراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد أحسنت -أحسن الله إليك- فيما كنت تقوم به من إعطاء مالك لأبيك ومساعدته على الإنفاق على إخوتك، ومساعدتهم على الدراسة والزواج، وأنت مأجور إن شاء الله إذا كنت قصدت وجه الله ببرك لأبيك وبمساعدة إخوانك.

أما بخصوص ما سألت عنه فإن ما أنفق الإنسان من نفقة لا تلزمه شرعاً إذا أنفقه بقصد التطوع فليس له حق الرجوع فيه، بل إنه يحرم عليه ذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم: العائد في هبته كالكلب يعود في قيئه، ليس لنا مثل السوء. رواه البخاري ومسلم. وأما إذا أنفقه بنية الرجوع فإنه له أن يرجع به إذا أثبت ذلك ببينة من إشهاد أو إقرار المدعى عليهم.

وننبه إلى أن بر الأب لا يشترط لوجوبه أن يكون عادلاً بين أولاده، فإذا لم يقم بما يلزمه من العدل بينهم لم يخول ذلك من لم يعدل معه من الأولاد أن يتهاون في بره، كما ننبه أن كون الابن وماله لأبيه لا يبيح للأب التصرف في مال ابنه دون حدود، فأخذ الأب من مال ابنه مقيد بالاحتياج وعدم الإسراف، كما في الفتوى رقم: 1569.

وبناء على ما تقدم فإن للسائل أن يطالب بماله الذي كان يدفعه لأبيه في حياة أبيه وبعد موته إذا أثبت أنه يعطيه إياه غير متبرع به.. وللمزيد من الفائدة راجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 7892، 96917، 46692.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني