الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الاحتلام في نهار رمضان لا يؤثر على صحة الصوم، ولو أدى إلى خروج المني. إذ لا طاقة للإنسان على تجنبه، ولا قدرة له على كفه. ومن المعلوم أن الله تبارك وتعالى لا يكلف الإنسان ولا يؤاخذه إلا بما يطيقه. كما قال: لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا [البقرة: 286].
وعليه، فإن صيام السائلة هنا لا يتأثر بخروج المني الذي سببه الاحتلام، فضلا عن وجوب الكفارة، وكذلك إن كان خروجه نتيجة لاستمرارها في تلك التخيلات، لأن خروج المني بالفكر لا يفسد الصوم ولا يوجب الكفارة من باب أولى عند الجمهور خلافا للمالكية، كما سبق بيانه الفتوى رقم: 139673 ، وقول الجمهور هو الراجح، وفي المذهب المالكي يجب على السائلة القضاء والكفارة في الحالة المذكورة إن كان خروج المني نتيجة للاستمرار في الخيالات المثيرة للشهوة وليس بسبب الاحتلام، إن لم تكن جاهلة بحرمة هذا التفكير وإلا فلا كفارة للعذر بالجهل، وعليها القضاء فقط، فقد نص فقهاء المذهب المالكي على أن خروج المني بسبب استدامة الفكر فيما يثير الشهوة مفسد للصوم موجب للقضاء والكفارة معا إلا في حق من عادته السلامة من خروج المني عند استدامة الفكر، فهذا لو تخلفت عادته فأمني بسبب الفكر لزمه القضاء فقط دون الكفارة.
ففي حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني شرح الرسالة: وَالْحَاصِلُ أَنَّ خُرُوجَ الْمَنِيِّ بِالنَّظَرِ أو الْفِكْرِ مُوجِبٌ لِلْكَفَّارَةِ بِشَرْطِ الِاسْتِدَامَةِ إلَّا أَنْ يُخَالِفَ عَادَتَهُ أَيْ بِأَنْ تَكُونَ عَادَتُهُ السَّلَامَةَ مع الِاسْتِدَامَةِ فَتَخَلَّفَ وَأَمْنَى، فَلَا كَفَّارَةَ على ما اسْتَظْهَرَ اللَّخْمِيُّ، فَإِنْ لم تُوجَدْ اسْتِدَامَةٌ فَالْقَضَاءُ فَقَطْ إلَّا أَنْ يُعْسَرَ فَلَا قَضَاءَ لِلْمَشَقَّةِ. انتهى.
لكن وجوب الكفارة في المذهب المالكي مقيد بعدم الجهل كما تقدم بيانه في الفتوى رقم : 163309 .
والله أعلم.