حفظ المال.. والعمل المؤدي لارتكاب المحرم لأجل الضرورة

19-4-2012 | إسلام ويب

السؤال:
مرادي في السؤال الذي يلي: يقول العلماء الكرام: المقاصد تنقسم إلى ثلاثة أقسام: المقاصد الضرورية، والمقاصد الحاجية، والمقاصد التحسينية، مرادي إذا تعارضت المقاصد الضرورية والمقاصد التحسينية كيف نفعل؟ فمثلا في وطننا يعمل بعض المسلمين في الإدارة الحكومية أي في المدرسة والبنك كذا وكذا، وتمنع الحكومة الشيوعية الخادمين والخادمات من الصلاة وستر العورة، فكيف يجعل الخادمون المسلمون والمسلمات حفظ المال من الضروريات وستر العورة من التحسينيات؟ وحفظ المال من المقاصد الضرورية وستر العورة من المقاصد التحسنية إذن هل يجوز أن تعمل النساء في مؤسسات الحكومة بلا حجاب أي لا يغطين رؤوسهن وصدورهن وسيقانهن كذا وكذا ؟ وكيف نفهم كلمة حفظ المال في المقاصد الضرورية؟.

الإجابــة:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فحفظ المال من المقاصد الخمس الضرورية، ولكن ليس المقصود بتحصيله ولا بحفظه أن يعمل المسلم في أي وظيفة يكتسب بها المال، وإن أدت إلى ارتكاب المحرمات ككشف العورة، والتفريط في الواجبات كترك الصلاة، فإن في غيرها من الوظائف والأعمال التي تحصل قدر الكفاية عوضاً وسعة، فإن فُرِض أنه إذا ترك هذه الوظيفة لم يجد القدر الضروري من المال الذي يقيم به حياته من المطعم والمشرب ونحو ذلك، فعندئذ يكون ذلك من باب حفظ النفس لا حفظ المال، وعلى ذلك فإن اضطرت امرأة مسلمة لكشف شيء من العورة لتعمل في عمل لا تجد غيره لتسد رمقها، فلا حرج عليها، فإن الضرورات تبيح المحظورات، كما يباح لها ذلك إذا احتاجت لإجراء عملية جراحية ضرورية، قال الدكتور عبد الكريم زيدان في أصول الدعوة: عُرِفَ بالاستقراء والتأمُّل أنَّ مصالح العباد تتعلق بأمور ضرورية أو حاجية أو تحسينية، فالأولى هي التي لا قيام لحياة الناس بدونها، وإذا فاتت حَلَّ الفساد وعمَّت الفوضى واختلَّ نظام الحياة، وهذه الضروريات هي حفظ الدين والنفس والعقل والنسل والمال .... فالمال شرَّع لتحصيله أنواع المعاملات من بيعٍ وشراءٍ ونحو ذلك، وشرَّع لحفظه: حرمة أكل مال الناس بالباطل أو إتلافه بلا وجهٍ سائغ مشروع، والحجر على السفيه، وتحريم الربا، وعقوبة السرقة. اهـ.

وقال أيضا: إذا تعارضت المفاسد والمصالح رُجِّح أعظمها مصلحة أو أقلها مفسدة .. فكشف العورة مفسدة، ولكن إذا احتاج إليها لإجراء عملية جراحية ضرورية جاز الكشف، لأن مصلحة حفظ النفس من الهلاك أكبر من مفسدة كشف العورة. اهـ.

وأما مسألة ترك الصلاة، فلا تتحقق فيها الضرورة، إلا إذا بلغ الأمر إلى منع الإيماء بها، أو أكره على التلبس بما ينافيها، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 117476.

وراجع لمزيد الفائدة عن ذلك الفتاوى التالية أرقامها: 18568، 9812، 147023، 160955، 67873، 174315.

وهناك أمر آخر ينبغي التنبه إليه، وهو أن التفاوت بين الضروري والحاجي والتحسيني إنما هو من حيث الرتبة إجمالا، ولا يعني هذا أن كل ما يتعلق بالمال مثلا يُقدَّم على كل ما يتعلق بالحاجيات أو التحسينيات، فلو خيِّر مسلم بين أن يُغصب منه بضعة دراهم زائدة عن حاجته، وبين كشف شيء من عورته، فلا يجوز له كشف عورته، ولذلك ذكر ابن قدامة في المغني في شروط الإكراه المعتبر: أن يكون مما يستضر به ضررا كثيرا، كالقتل، والضرب الشديد، والقيد، والحبس الطويل، فأما الشتم والسب، فليس بإكراه، رواية واحدة، وكذلك أخذ المال اليسير. اهـ.
والله أعلم.

www.islamweb.net