الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقبل الجواب عما سألت عنه نريد أولا أن نفيدك بأن طلاقك لزوجتك مقابل إسقاط الدين المستحق على أبيها يعتبر من قبيل الخلع وقد ذكرت أن الخلع وقع منك بلفظ الطلاق، وهذا يجعله طلاقا بائنا يحسب من الطلقات الثلاث ولا يدخل في الخلاف المعروف بين المذاهب الأربعة فيما إذا كان الخلع فسخا أم طلاقا، جاء في الموسوعة الفقهية: لاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّ الْخُلْعَ إِذَا وَقَعَ بِلَفْظِ الطَّلاَقِ أَوْ نَوَى بِهِ الطَّلاَقَ فَهُوَ طَلاَقٌ، وَإِنَّمَا الْخِلاَفُ بَيْنَهُمْ فِي وُقُوعِهِ بِغَيْرِ لَفْظِ الطَّلاَقِ وَلَمْ يَنْوِ بِهِ صَرِيحَ الطَّلاَقِ أَوْ كِنَايَتَهُ، فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ فِي الْمُفْتَى بِهِ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيُّ فِي الْجَدِيدِ وَالْحَنَابِلَةُ فِي رِوَايَةٍ عَنْ أَحْمَدَ إِلَى أَنَّ الْخُلْعَ طَلاَقٌ، وَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ وَالْحَنَابِلَةُ فِي أَشْهَرِ مَا يُرْوَى عَنْ أَحْمَدَ إِلَى أَنَّهُ فَسْخٌ. انتهى.
أما شيخ الإسلام ابن تيمية ومن وافقه من أهل العلم فيرون أن الخلع بأي لفظ كان بعتبر فسخا وليس طلاقا محسوبا من الثلاث، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 66068.
والراجح والمفتى به عندنا هو ما عليه جمهورأهل العلم من كون الخلع يعتبر طلاقا، وفي خصوص ما سألت عنه فإنه على كل الأقوال يجوز لك أن تعود لزوجتك بعقد جديد ـ إذا لم تكن هذه هي الطلقة الثالثة ـ ويكون ذلك بحضور ولي المرأة أو من ينوب عنه مع شاهدي عدل وصيغة دالة على العقد، ولا يتوقف صحة نكاحك على أن تتزوج زوجتك بآخر ثم يطلقها بعد الدخول، لأن ذلك إنما يشترط بعد الطلاق الثلاث الذي هو البينونة الكبرى، لقوله تعالى: الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ إلى قوله تعالى: فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ {البقرة:229ـ 230}.
والله أعلم.