الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلمي أن الله تعالى قد جعل التوبة فرجا ومخرجا للمذنبين، وقد دعا سبحانه إليها ورغب فيها أيما ترغيب، قال تعالى: وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ {النور:31}، وقال أيضا:قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزمر:53}، فليست التوبة بالأمر العسير، ومن أقبل إلى ربه بقلب صادق قبل الله توبته، فتوبي إلى الله توبة نصوحا، وأحسني الظن بربك، فهو عند حسن ظن عبده به، وراجعي شروط التوبة بالفتوى رقم: 5450.
والواجب عليك الحذر من الوقوع في القنوط من رحمة الله واليأس من روحه، فذلك شأن أهل الضلال والكفران، قال تعالى:قَالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ {الحجر:56}، وقال: وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ {يوسف:87}. ففي هذا القنوط خسران الدنيا والآخرة. ونوصيك بالحرص على كل ما يعين على الاستقامة، وقد ذكرنا جملة من وسائلها بالفتوى رقم: 1208 ، والفتوى رقم: 12744. وهذا ما يمكن أن يكون سببا في رجوعك إلى ما هو أفضل من حياتك قبل الوقوع في هذا الذنب.
ولا يلزم أن يؤاخذ الله عبده بذنبه ويعاقبه به بعقوبة في الدنيا سواء بالفضيحة أم بعدم الزواج. فاصرفي قلبك عن هذه الخواطر التي تنتابك من هذه الجهة، وسلي الله تعالى أن يرزقك زوجا صالحا، ولا بأس بأن تستعيني في ذلك ببعض الثقات من قريباتك وصديقاتك، هذا مع العلم بأنه لا حرج على المرأة في البحث عن الأزواج ما دام ذلك وفقا للضوابط الشرعية كما بينا بالتوى رقم: 18430.
ونرجو أن تكوني قد استفدت مما وقع منك مع هذا الشاب دروسا وأن تكوني قد عرفت كيف أن شياطين الإنس والجن يستدرجون المرأة إلى المعصية والوقوع في شراكهم، وكيف أن الشباب يتلاعبون بعواطف الفتيات لإيقاعهن في شباك الرذيلة، هذا بالإضافة إلى خطورة العلاقات بين الشباب والفتيات من خلال الانترنت. وتبين بذلك أن ما يسمى بالحب البريء ما هو إلا من تلبيس إبليس.
والله أعلم.