الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالقدر له مراتب أربع: العلم, ثم الكتابة, ثم الإرادة والمشيئة, ثم الخلق والإيجاد.
وأما علم الله: فإنه سبحانه يعلم ما كان, وما سيكون, وما هو كائن, وما لم يكن لو كان كيف يكون، لا يخفى عليه من ذلك صغيرة ولا كبيرة.
وعليه: فالعلم أعم من القدر, فكل قدر قد علمه الله, وليس كل علم يقدره؛ لأن من علم الله علم ما لم يكن لو كان كيف يكون, قال ابن كثير: فأخبر بأنه يعلم ما كان وما يكون وما لم يكن لو كان كيف كان يكون.
قال ابن تيمية في الفتاوى: والله تعالى يعلم ما كان وما يكون وما لا يكون أن لو كان كيف كان يكون, وهو سبحانه قد قدر مقادير الخلائق, وكتب أعمال العباد قبل أن يعملوها, كما ثبت ذلك فى صريح الكتاب والسنة وآثار السلف, ثم إنه يأمر الملائكة بكتابتها بعد ما يعملونها, فيقابل بين الكتابة المتقدمة على الوجود والكتابة المتأخرة عنه, فلا يكون بينهما تفاوت, هكذا قال ابن عباس وغيره من السلف.
وفي شرح النووي على صحيح مسلم: وفي قوله صلى الله عليه وسلم: "الله أعلم بما كانوا عاملين" بيان لمذهب أهل الحق أن الله علم ما كان وما يكون وما لا يكون لو كان كيف كان يكون, وقد سبق بيان نظائره من القرآن والحديث.
قال في فيض القدير: قدر الله المقادير قبل أن يخلق السماوات والأرضين, أي: أجرى القلم على اللوح, وأثبت فيه مقادير الخلائق ما كان وما يكون وما هو كائن إلى الأبد بخمسين ألف سنة.
وانظر فتاوينا: 60787. 67357. 136263.
والله أعلم.