الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمثل هذه الأحجار الأثرية إن عثرت عليها الدولة وحمتها، دخلت في ما يعرف الآن بالأملاك العامة للدولة، ولم تبق مشاعا في الناس يمتلكها من يسبق إليها!! وأما إن سبق إليها أحد قبل الدولة في أرض لا مالك لها، فهو أحق بها، جاء في الموسوعة الفقهية: المال المباح هو كل ما خلقه الله لينتفع به الناس على وجه معتاد، وليس في حيازة أحد، مع إمكان حيازته، ولكل إنسان حق تملكه، سواء أكان حيوانا أم نباتا أم جمادا، والدليل على ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: من سبق إلى ما لم يسبقه إليه مسلم فهو له. اهـ.
قال السعدي في بهجة قلوب الأبرار: يدخل في هذا الحديث: السبق إلى جميع المباحات التي ليست ملكا لأحد، ولا باختصاص أحد، فيدخل فيه: السبق إلى إحياء الأرض الموات... ويدخل في ذلك: السبق إلى صيد البر والبحر، وإلى المعادن غير الظاهرة وغير الجارية، والسبق إلى أخذ حطب أو حشيش أو منبوذ رغبة عنه... اهـ.
وقال المناوي في فيض القدير: يشمل كل عين وبئر ومعدن كملح ونفط، فالناس فيه سواء، ومن سبق لشيء منها فهو أحق به حتى يكتفي. اهـ.
وقال العظيم آبادي في عون المعبود: ما موصولة، أي من الماء والكلأ والحطب وغيرها من المباحات، وفي بعض النسخ ماء فهو له، أي ما أخذ صار ملكا دون ما بقي في ذلك الموضع فإنه لا يملكه. اهـ.
وأما حظر القانون الوضعي لشيء من ذلك، فهذا يجري على قاعدة تقييد ولي الأمر للمباحات، وهذا يجب الالتزام به ما دام موضوعا لمراعاة مصلحة عامة أو درء مفسدة حقيقية، وذلك أن تصرف الراعي على الرعية منوط بالمصلحة، كما سبق بيانه في الفتويين رقم: 125687، ورقم: 126169.
فإذا لم يوضع هذا القانون لمصلحة معتبرة فلا يجب التزامه إلا ظاهرا، لخوف الفتنة والضرر، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 137746.
وقد سبق لنا بيان حكم الاتجار بالآثار في الفتويين رقم: 112767، ورقم: 111967.
والله أعلم.