الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله لنا ولك أن يصلح قلوبنا، وأن يطهرها من كل درن، وننصحك بكثرة الدعاء والتضرع إلى الله أن يجدد الإيمان في قلبك، فقد روى الحاكم والطبراني عن عبد الله بن عمرو ـ رضي الله عنهما ـ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الإيمان ليخلَق في جوف أحدكم كما يخلَق الثوب، فاسألوا الله تعالى أن يجدد الإيمان في قلوبكم.
وصلاح القلب وملؤه بالخشوع والخوف من الله تعالى والإقبال به على الله تعالى، وغرس شجرة الإيمان الصادق فيه من أعظم المقاصد التي ينشدها المسلم، وقد تكلمنا على هذا الموضوع الخطير في عدة فتاوى يحسن الرجوع إليها، منها الفتاوى التالية أرقامها: 174461، 183043، 117096، 130674.
وننصحك بعدم اعتزال أهلك، بل احرصي على دعوتهم إلى الخير، واصبري على ذلك، فقد قال صلى الله عليه وسلم: المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم. رواه الترمذي وابن ماجه.
وقد بين الخطابي الطريقة المثلى في الخلطة والعزلة، فقال رحمه الله: وَالطَّرِيقَةُ الْمُثْلَى فِي هَذَا الْبَابِ أَنْ لَا تَمْتَنِعَ مِنْ حَقٍّ يَلْزَمُكَ لِلنَّاسِ, وَإِنْ لَمْ يُطَالِبُوكَ بِهِ, وَأَنْ لَا تَنْهَمِكَ لَهُمْ فِي بَاطِلٍ لَا يَجِبُ عَلَيْكَ, وَإِنْ دَعَوْكَ إِلَيْهِ, فَإِنَّ مَنِ اشْتَغَلَ بِمَا لَا يَعْنِيهِ فَاتَهُ مَا يَعْنِيهِ, وَمَنِ انْحَلَّ فِي الْبَاطِلِ جَمُدَ عَنِ الْحَقِّ، فَكُنْ مَعَ النَّاسِ فِي الْخَيْرِ, وَكُنْ بِمَعْزِلٍ عَنْهُمْ فِي الشَّرِّ, وَتَوَخَّ أَنْ تَكُونَ فِيهِمْ شَاهِدًا كَغَائِبٍ, وَعَالِمًا كَجَاهِلٍ, ثم ذكر عن أَكْثَم بْن صَيْفِيٍّ قوله: الِانْقِبَاضُ عَنِ النَّاسِ مَكْسَبَةٌ لِلْعَدَاوَةِ، وَمَعْرِفَتُهُمْ مَكْسَبَةٌ لِقَرِينِ السُّوءِ، فَكُنْ لِلنَّاسِ بَيْنَ الْمُنْقَبِضِ وَالْمُقَارِبِ، فَإِنَّ خَيْرَ الْأُمُورِ أَوْسَاطُهَا. انتهى.
وللفائدة يرجى مراجعة هذه الفتوى رقم: 158317.
والله أعلم.