الحمد لله, والصلاة والسلام على رسول الله, وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فطواف الوداع لا يكون إلا بعد قضاء جميع المناسك والأشغال بمكة، ولا بد أن يعقبه الخروج مباشرة إلا لعذر، وهذا ما رجحه جمهور أهل العلم، قال النووي ـ رحمه الله -: ينبغي أن يقع طواف الوداع بعد جميع الأشغال, ويعقبه الخروج بلا مكث, فإن مكث نظر: إن كان لغير عذر, أو لشغل غير أسباب الخروج, كشراء متاع, أو قضاء دين, أو زيارة صديق, أو عيادة مريض, لزمه إعادة الطواف. انتهى.
وفي الموسوعة الفقهية: وعند المالكية, والشافعية, والحنابلة, وقته بعد فراغه من جميع أموره، وعزمه على السفر، ويغتفر له أن يشتغل بعده بأسباب السفر، كشراء الزاد، وحمل الأمتعة, ونحو ذلك، ولا يعيده، لكن إن مكث بعده مشتغلًا بأمر آخر غير أسباب السفر, كشراء متاع، أو زيارة صديق، أو عيادة مريض احتاج إلى إعادة الطواف. انتهى
وبناء على ما سبق، فإن الحاج المفرد إذا قدم طواف الوداع مع طواف الإفاضة, فيكون طواف الوداع غير مجزئ؛ لأنه سيتأخر بعده في مكة لأجل السعي, وقد يتأخر أيضًا لأمور أخرى, لكن حجه صحيح, وعليه دم, وأقله شاة تذبح في الحرم, وتوزع على الفقراء من أهله, إن كان لم يعد طواف الوداع مرة, بناء على مذهب الجمهور، خلافًا للمالكية حيث قالوا: لا يترتب على تركه دم، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 142793.
وراجع لمزيد الفائدة الفتوى رقم: 58685.
والله أعلم.