الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد كان المناسب أن نعرف نوع هذا الظلم الذي وقع على جيران هذا المستأجر، وكيف لحق المؤجر إثم المستأجر هذا؛ ليتسنى لنا الجواب عن علم بحقيقة الأمر.
وعلى أية حال، فإن التوبة من الذنوب المتعلقة بحقوق العباد، وإن كان يشترط فيها ردها أو استحلال أهلها، إلا أن ذلك لا يعني إغلاق باب التوبة عند تعذر ذلك، سواء أكان ذلك للجهل بهم، أو عدم القدرة على الوصول لهم، أو العجز عن رد الحقوق إليهم ... فالله تعالى إذا علم صدق التائب في توبته، وعزمه على الوفاء بحقها، ورأى عجزه عن ذلك مع حرصه عليه، فإنه يتحمل عنه حقوق العباد أو يرضّيهم. وعلى التائب حينئذ بالإكثار من الحسنات، والاستغفار لأصحاب الحقوق، وراجع الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 112813، 114435، 139763، 44389.
وأما السؤال عن حكم الإخبار بما فعل هذا الرجل طلبا للمساعدة ممن يخبرهم، فهذا أيضا فرع لحقيقة هذا الفعل وأثره، وإمكانية الوصول لمكان هذا الرجل واستخراج الحق منه دون الإخبار بواقع حاله. وعلى أية حال فالأصل في غيبة المسلم الحرمة، إلا إذا تعينت لبلوغ غرض شرعي صحيح.
قال ابن حجر الهيتمي في (الزواجر عن اقتراف الكبائر): الأصل في الغيبة الحرمة؛ وقد تجب، أو تباح لغرض صحيح شرعي لا يتوصل إليه إلا بها. اهـ.
وقد سبق لنا بيان ذلك، وبيان الأحوال التي تباح فيها الغيبة، ومنها: تحذير المسلمين من الشر، ومنها: الاستعانة على تغيير المنكر، وراجع الفتويين: 6082، 17373.
والله أعلم.