الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما ورد في السؤال من المشي بعد الأكل لا نعلمه من كلام النبي صلى الله عليه، ولكنه من كلام حكماء العرب وأطبائهم فقد ذكره ابن القيم ـ رحمه الله ـ في زاد المعاد عن طبيب العرب الحارث بن كلدة، إذ قال: وَلَمَّا احْتُضِرَ الحارث اجْتَمَعَ إِلَيْهِ النَّاسُ، فَقَالُوا: مُرْنَا بِأَمْرٍ نَنْتَهِي إِلَيْهِ مِنْ بَعْدِكَ، فَقَالَ: لَا تَتَزَوَّجُوا مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا شَابَّةً، وَلَا تَأْكُلُوا مِنَ الْفَاكِهَةِ إِلَّا فِي أَوَانِ نُضْجِهَا، وَلَا يَتَعَالَجَنَّ أَحَدُكُمْ مَا احْتَمَلَ بَدَنُهُ الدَّاءَ، وَعَلَيْكُمْ بِتَنْظِيفِ الْمَعِدَةِ فِي كُلِّ شَهْرٍ، فَإِنَّهَا مُذِيبَةٌ لِلْبَلْغَمِ، مهلكة للمرة منبتة للحم، وإذا تغذّى أَحَدُكُمْ، فَلْيَنَمْ عَلَى إِثْرِ غَدَائِهِ سَاعَةً، وَإِذَا تَعَشَّى فَلْيَمْشِ أَرْبَعِينَ خُطْوَةً. اهـ.
أما عن عادة الرسول صلى الله عليه وسلم في الشراب وهل كان يشرب قبل الأكل أم بعده؟ فقد قال ابن القيم في زاد المعاد: وَلَمْ يَكُنْ مِنْ هَدْيِهِ أَنْ يَشْرَبَ عَلَى طَعَامِهِ فَيُفْسِدَهُ، وَلَا سِيَّمَا إِنْ كَانَ الْمَاءُ حَارًّا أَوْ بَارِدًا، فَإِنَّهُ رَدِيءٌ جِدًّا، قَالَ الشَّاعِرُ:
لَا تَكُنْ عِنْدَ أَكْلِ سُخْنٍ وَبَرْدٍ ... وَدُخُولِ الْحَمَّامِ تَشْرَبُ مَاءَ
فَإِذَا مَا اجْتَنَبْتَ ذَلِكَ حَقًّا ... لَمْ تَخَفْ مَا حَيِيتَ فِي الْجَوْفِ دَاءَ
وَيُكْرَهُ شُرْبُ الْمَاءِ عَقِيبَ الرِّيَاضَةِ، وَالتَّعَبِ، وَعَقِيبَ الْجِمَاعِ، وَعَقِيبَ الطَّعَامِ وَقَبْلَهُ، وَعَقِيبَ أَكْلِ الفاكهة، وإن كان الشرب عقيب بعضها أسهب مِنْ بَعْضٍ، وَعَقِبَ الْحَمَّامِ، وَعِنْدَ الِانْتِبَاهِ مِنَ النَّوْمِ، فَهَذَا كُلُّهُ مُنَافٍ لِحِفْظِ الصِّحَّةِ، وَلَا اعتبار بالعوائد فإنها طبائع ثوان. انتهى.
وبالنسبة لهدي النبي صلى الله عليه وسلم في الأكل بشكل عام فهو موضوع كبير يحتاج إلى بحث مستقل، وقد بينا نتفا من ذلك في الفتاوى التالية أرقامها: 98666، 70543، 133457، فراجعها.
ويوجد في موقعنا مقال قيم حول هدي النبي صلى الله عليه وسلم في أكله وشربه، يمكنك الرجوع إليه من خلال هذا الرابط:
https://www.islamweb.net/ar/article/142337
والله أعلم.