السؤال
كم كان يأكل الرسول في اليوم وكيف يأكل وهيأته، وما لباس النبي وهل لبس البنطال وقميصا أو كنزة إلى نصف ساعديه، وهل كان طول ثوبه إلى نصف ساقه، وإذا كان كذلك فكيف علينا أن نتبع هذه السنة في هذا العصر لأن الشخص إذا لبس بنطالا إلى نصف ساقيه ضحك منه الآخرون، وهل السنة هي فوق العقب ولو بشيء يسير أم إلى نصف الساق حصرا، وهل من يطيل ثوبه إلى تحت العقب يأثم أم فقط الذي يرتديه على سبيل التكبر والخيلاء كما في حديث أبي بكر... فأرجو التوضيح وكيف نحيي هذه السنة وجزاكم الله خيراً، علما بأنني سمعت أن النووي قال بكراهة تنزيهية لمن يرتدي ثوبا لأسفل من العقب فهل هذا صحيح؟
الإجابــة
خلاصة الفتوى:
من هديه صلى الله عليه وسلم الأكل مما تيسر، ولم يرد شيء في تحديد عدد أوقات تناوله الطعام في حال وجوده حسب اطلاعنا، وكان يسمي الله عند البدء بطعامه، ويحمده عند انتهائه منه، ويأكل بأصابعه الثلاث ويلعقها إذا فرغ من الطعام، ولا يأكل متكئاً.. هذا من هديه في الطعام. ومن هديه في اللباس لبس العمامة والقنلنسوة والجبة والقميص والإزار قيل والسراويل، وورد أن أزرته كانت إلى نصف ساقيه، لكن ثبت عنه أن الإسبال إلى ما فوق الكعبين لا حرج فيه، أما ما تحت الكعب فقد ورد فيه الوعيد، لكن حمله كثير من أهل العلم على من فعل ذلك خيلاء، ومنهم من حمله على إطلاقه.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإنه لم يرد في هديه صلى الله عليه وسلم في الأكل تحديد عدد أوقات تناوله الطعام في اليوم، بل كان يأكل ما تيسر فإن لم يجد صبر، قال ابن القيم رحمه الله تعالى في زاد المعاد في بيان هديه صلى الله عليه وسلم في الأكل: كان هديه أكل ما تيسر فإن أعوزه صبر؛ حتى إنه ليربط على بطنه الحجر من الجوع، ويُرَى الهلال والهلال والهلال ولا يوقد في بيته نار، وكان معظم مطعمه يوضع على الأرض في السفرة وهي كانت مائدته، وكان يأكل بأصابعه الثلاث ويلعقها إذا فرغ وهو أشرف ما يكون من الأكلة، فإن المتكبر يأكل بأصبع واحدة، والجشع الحريص يأكل بالخمس ويدفع بالراحة، وكان لا يأكل متكئاً، والاتكاء على ثلاثة أنواع أحدها: الاتكاء على الجنب. والثاني: التربع. والثالث: الاتكاء على إحدى يديه وأكله بالأخرى، والثلاث مذمومة.
وكان يسمي الله تعالى أول طعامه، ويحمده في آخره، فيقول عند انقضائه (الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه غير مكفي ولا مودع ولا مستغنى عنه ربنا)، وربما قال: (الحمد لله الذي يطعِم ولا يطعَم منَّ علينا فهدانا وأطعمنا وسقانا، وكل بلاء حسن أبلانا، الحمد لله الذي أطعم من الطعام، وسقى من الشراب، وكسا من العري، وهدى من الضلالة، وبصر من العمى، وفضل على كثير ممن خلق تفضيلاً، الحمد لله رب العالمين) وربما قال (الحمد لله الذي أطعم وسقى وسوغه). وكان إذا فرغ من طعامه لعق أصابعه، ولم يكن لهم مناديل يمسحون بها أيديهم، ولم يكن عادتهم غسل أيديهم كلما أكلوا. انتهى.
أما عن لباسه صلى الله عليه وسلم.. فقد كان يلبس العمامة والقلنسوة، ويلبس القميص وهو المعروف اليوم بالثوب، بل قيل إنه من أحب اللباس إليه، ويلبس الجبة والإزار، وقيل إنه لبس السراويل، لكن الحديث في ذلك ضعيف، ولم نجد من ذكر أنه لبس القميص مع السراويل إن صح أنه لبسها، وقد حذر من إسبال الأزرة والقميص إلى ما تحت الكعبين، أما ما كان فوقهما فلا حرج فيه سواء كان ثوباً أو أزرة أو بنطالاً.
قال ابن القيم في زاد المعاد في بيان هديه صلى الله عليه وسلم في اللباس: كانت له عمامة تسمى السحاب كساها عليا وكان يلبسها ويلبس تحتها القلنسوة، وكان يلبس القلنسوة بغير عمامة، ويلبس العمامة بغير قلنسوة، وكان إذا اعتم أرخى عمامته بين كتفيه؛ كما رواه مسلم في صحيحه عن عمرو بن حريث قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر وعليه عمامة سوداء قد أرخى طرفيها بين كتفيه. إلى أن قال: ولبس القميص وكان أحب الثياب إليه وكان كمه إلى الرسغ، ولبس الجبة والفروج وهو شبه القباء والفرجية، ولبس القباء أيضاً، ولبس في السفر جبة ضيقة الكمين، ولبس الإزار والرداء... واشترى سراويل، والظاهر أنه إنما اشتراها ليلبسها، وقد روي في غير حديث أنه لبس السراويل، وكانوا يلبسون السراويلات بإذنه. انتهى بتصرفف.
وقال في عون المعبود: قال السيوطي: ذكر بعضهم أن النبي صلى الله عليه وسلم اشترى السراويل ولم يلبسها، وفي الهدي لابن القيم الجوزي أنه لبسها فقيل إنه سبق قلم، لكن في مسند أبي يعلى والمعجم الأوسط للطبراني بسند ضعيف عن أبي هريرة قال: دخلت يوما السوق مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فجلس إلى البزازين فاشترى سراويل بأربعة دراهم، قلت: يا رسول الله وإنك لتلبس السراويل، فقال: أجل في السفر والحضر والليل والنهار، فإني أمرت بالستر فلم أجد شيئاً أستر منه. كذا في فتح الودود. انتهى.
وفي سنن أبي داود عن سالم بن عبد الله عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الإسبال في الإزار والقميص والعمامة من جر منها شيئاً خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة. والحديث صححه الألباني، قال في عون المعبود شرح سنن أبي داود: والحديث فيه دلالة على أن المستحب أن يكون إزار المسلم إلى نصف الساق، والجائز بلا كراهة ما تحته إلى الكعبين، وما كان أسفل من الكعبين فهو حرام وممنوع. انتهى.
ولبيان كلام أهل العلم في حكم الإسبال إلى ما تحت الكعبين إذا كان لغير خيلاء انظر الفتوى رقم: 21266.
والله أعلم.