الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أنه يغفر ذنبك، ويطهر قلبك، ويحصن فرجك، واعلم أن ما أنت فيه إنما هو بشؤم المعاصي التي يسلم بعضها إلى بعض، ولذا قال بعض السلف: إن من ثواب الحسنة الحسنة بعدها، ومن عقوبة السيئة السيئة بعدها.
فإخلالك بالصلوات إنما هو بشؤم الاستمناء، والذي هو بدوره بشؤم مشاهدة المحرمات والكلام مع الأجنبيات، وفتنة النساء خطرها عظيم، ولذلك خاطب الله خيرة رجال هذه الأمة بقوله: وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ {الأحزاب:53}.
والكلام مع النساء الأجنبيات والاختلاط بهن بغير حاجة معتبرة شرعا باب فتنة وشر، ومدخل من مداخل الشيطان يستدرج بها العباد إلى ما هو أعظم، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ {النور:21}.
وروى البخاري ومسلم عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: كتب على ابن آدم نصيبه من الزنا، مدرك ذلك لا محالة: العينان زناهما النظر، والأذنان زناهما الاستماع، واللسان زناه الكلام، واليد زناها البطش، والرجل زناها الخطا، والقلب يهوى ويتمنى، ويصدق ذلك الفرج أو يكذبه.
وقال الخادمي ـ رحمه الله ـ في كتابه: بريقة محمودية: التكلم مع الشابة الأجنبية لا يجوز بلا حاجة، لأنه مظنة الفتنة. وانظر ضوابط الحديث مع المرأة الأجنبية في الفتوى رقم: 30016، وإحالاتها.
وقد تكلمنا على سبل التخلص من الاستمناء ومشاهدة المحرمات في الفتوى رقم: 236974، وإحالاتها، فراجعها للأهمية. فلكي توفق للتخلص من الاستمناء عليك بالتخلص من بواعثه من الكلام مع النساء والاختلاط بهن بغير حاجة، ومشاهدة المحرمات وغير ذلك من أسباب ثوران الشهوة، فمن أراد أن ينصلح حاله، فإنه يغلق عنه أبواب الشرور والفتن ويسأل الله العون والمدد.
وأما بخصوص الصلاة: فإنها لا تصح إلا بالطهارة من الحدثين الأكبر والأصغر، فإن تيقنت نزول المني بشهوة وجب عليك الاغتسال للصلاة، فصلاتك بدون طهارة تكون باطلة، وهذا مما يؤكد عليك ضرورة المبادرة بالتوبة مما ذكرت من معاص مشئومة، وانظر الفتويين رقم: 37912، ورقم: 25531.
وأما مجرد الشك في نزول المني: فلا يوجب الغسل، فتصح الصلاة بدونه، وانظر الفتوى رقم: 58171. وأما إن اغتسلت بعد الجنابة ثم خرج مني بعد ذلك، ففي إعادة الغسل خلاف بين العلماء، وراجع بشأنه الفتوى رقم: 187879، وإحالاتها.
وأما المصاب بسلس المني: فقد بينا حكمه في الفتوى رقم: 41812.
والله أعلم.