الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقد جاء في الموسوعة الفقهية: الشك لغة: نقيض اليقين، وجمعه شكوك. يقال: شك في الأمر، وتشكك إذا تردد فيه بين شيئين، سواء استوى طرفاه، أو رجح أحدهما على الآخر...
والشك في اصطلاح الفقهاء، استعمل في حالتي الاستواء، والرجحان على النحو الذي استعملت فيه هذه الكلمة لغة، فقالوا: من شك في الصلاة، ومن شك في الطلاق، أي من لم يستيقن، بقطع النظر عن استواء الجانبين، أو رجحان أحدهما. ومع هذا فقد فرقوا بين الحالتين في جزئيات كثيرة. اهـ مع الحذف.
وجاء فيها أيضا: الترجيح: تقديم دليل، على دليل آخر يعارضه، لاقتران الأول بما يقويه. اهـ.
وجاء فيها كذلك: التحري في اللغة: القصد، والابتغاء، كقول القائل: أتحرى مسرتك، أي أطلب مرضاتك، ومنه قوله تعالى: {فأولئك تحروا رشدا} أي قصدوا طريق الحق وتوخوه. ومنه حديث النبي صلى الله عليه وسلم: {تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر . . .} الحديث. أي اعتنوا بطلبها.
وفي الاصطلاح : بذل المجهود في طلب المقصود، أو طلب الشيء بغالب الظن عند عدم الوقوف على حقيقته. اهـ.
وبخصوص باب سجود السهو: فقد سبق بيان المقصود بالتحري في الفتوى رقم: 111694، وبينا أنه لفظ ثابت في السنة النبوية، وأن العلماء قد اختلفوا في المراد به، هل هو العمل باليقين، أم بغلبة الظن؟
فعلى القول بأنه العمل باليقين، فإنه يلزم البناء على الأقل عند الشك مطلقا، سواء ترجح عند المصلي شيء أم لا.
أما على القول بأن المراد به العمل بغلبة الظن، فإن المصلي يعمل بما يترجح عنده، سواء ترجح عنده الأقل أم الأكثر.
مثال: من شك أثناء صلاة العصر، هل صلى ثلاثا أم أربعا؟ وترجح لديه أنه صلى أربعا، إلا أنه لم يتيقن ذلك، فعلى القول الأول يبني على أنه قد صلى ثلاثا فقط؛ لأن هذا هو العدد المتيقن، فيلزمه الإتيان بركعة.
أما على القول الثاني فيبني على أنه قد صلى أربعا؛ لأن هذا هو غالب ظنه، فلا يأتي بركعة بعد ذلك.
ومما سبق، يتضح أن التحري بالمعنى الثاني، هو والترجيح سواء.
والله أعلم.