الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

معنى التحري في سجود السهو

السؤال

ما معنى التحري في مسألة سجود السهو؟ وما على المرأة إذا أسرت في الجهر أو جهرت في الصلاة السرية؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فأما بالنسبةِ لمعنى التحري فقد وقع الأمر به في حديثِ ابن مسعودٍ وهو ثابتٌ في الصحيحين ولفظه: صلى النبي صلى الله عليه وسلم - قال إبراهيم: لا أدري - زاد أو نقص، فلما سلم قيل له: يا رسول الله، أحدث في الصلاة شيء؟ قال: وما ذاك. قالوا: صليت كذا وكذا، فثنى رجليه، واستقبل القبلة، وسجد سجدتين، ثم سلم. فلما أقبل علينا بوجهه قال: إنه لو حدث في الصلاة شيء لنبأتكم به، ولكن، إنما أنا بشر مثلكم، أنسى كما تنسون، فإذا نسيت فذكروني، وإذا شك أحدكم في صلاته، فليتحر الصواب فليتم عليه، ثم ليسلم، ثم يسجد سجدتين.

واختلف العلماء في معني الأمر بالتحري الوارد في الحديث، فحمله الجمهور على البناء على الأقل، كما ثبت الأمر بذلك في حديث أبي سعيد وهو في الصحيحين أيضا ولفظه عند مسلم: إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر كم صلى ثلاثا أم أربعا فليطرح الشك، وليبن على ما استيقن. ثم يسجد سجدتين قبل أن يسلم. فإن كان صلى خمسا، شفعن له صلاته. وإن كان صلى إتماما لأربع، كانت ترغيما للشيطان. قالوا: فمن شكَّ في صلاته بني على الأقل وهو اليقين سواءً كان عنده غلبة ظنٍ أو لا وجمعوا بذلك بين النصوص، وهذا قول مالك والشافعي ورواية عن أحمد، وقال أبو حنيفة وهو رواية عن أحمد اختارها شيخ الإسلام ابن تيمية: إن التحري المأمور به في حديثِ ابن مسعود هو العملُ بغلبة الظن، وهو خلافُ الأمر بالبناء على الأقل الثابتِ في حديث أبي سعيد، فالشك عند هذا الفريق من العلماء له حالتان: إما أن يكون مستوي الطرفين فحينئذٍ يبني على الأقل، وإما أن يغلب على ظنه أحد الاحتمالين فيعملَ به، ويؤيد ما ذهبوا إليه أن الأمر بالتحري ليس هو الأمرَ بالبناء على الأقل، ويدلُ له كذلك أن الأمر بالسجود في حديثِ ابن مسعود الذي أمر فيه بالتحري إنما هو بعد السلام، والأمر بالسجود في حديثِ أبي سعيد الذي أمرَ فيه بالبناء على الأقل إنما هو قبل السلام، وتغايرُ الأمرين يدلُ على تغاير الحكمين. والله أعلم.

وأما بالنسبة لجهرِ المرأة وإسرارها في الصلاة، فالصحيحُ أن المرأة في ذلك كالرجل فتجهرُ فيما يُشرع الجهر فيه وتُسر فيما يُشرع الإسرار فيه، لعمومِ خطاب الشرع للرجال والنساء، وقد روي عنه صلى الله عليه وسلم وحسنه الألباني: النساءُ شقائق الرجال. ولم يرد ما يفيدُ تخصيص النساء بحكمٍ في هذه المسألة، وقد ذكر النووي خلاف الشافعية في هذه المسألة وصحح هذا القول، لكن إذا كان بحضرةِ المرأة أجنبي أسرت بكل حال سداً لباب الفتنة، والجهرُ والإسرار في موضعهما سنةٌ بلا خلاف، والصلاةُ صحيحةٌ على كل حال، لكن اختلف العلماء هل يُشرع لمن نسيَ فجهر في موضع الإسرار أو عكس, سجود السهو أو لا، قال النووي في المجموع: لو جهر في موضع الإسرار أو عكس لم تبطل صلاته ولا سجود سهو فيه، ولكنه ارتكب مكروها، هذا مذهبنا، وبه قال الأوزاعي وأحمد في أصح الروايتين. وقال مالك والثوري وأبو حنيفة وإسحاق: يسجد للسهو، دليلنا: قوله في حديث أبي قتادة. ويسمعنا الآية أحيانا.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني