الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننبه ـ أولا ـ إلى أن راتب التقاعد يختلف حكمه ـ من حيث الملكية ـ باختلاف طبيعة نظام التقاعد، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 1809، فلتراجع لتعلم ما إذا كان ذلك الراتب خاصا بالمرأة أم يشاركها فيه غيرها.
وعلى العموم نقول: إنه يجب إخراج الزكاة متى تحققت شروط وجوبها في المال ولا يجوز التهاون في شأنها، وإن راتب التقاعد حكمه حكم زكاة أي راتب آخر، وقد أوضحنا أن لزكاة ما يدخر منه طريقتان، وذلك في الفتوى رقم: 103767، والفتوى رقم: 3922.
فإن كان يُنفَقُ كله أو لا يبقى منه نصاب تام فلا زكاة فيه حتى يبلغ النصاب ويحول عليه الحول بعد بلوغه النصاب، وبعد ذلك يزكى كل جزء ادخر منه ولو لم يبلغ النصاب على نحو ما أوضحنا في الفتويين المحال عليهما.
ومعلوم أنه لا يلزم الشخص توفير المال لإخراج الزكاة؛ لأن ما لا يتم الوجوب إلا به ليس بواجب، فمن ليس عنده مال ليزكيه أو يحج به لا يلزمه توفير المال حتى يؤدي زكاته أو يحج منه، وعليه فإنه لا يلزم توفير شيء من ذلك الراتب لكي يزكى.
أما عن السنوات السابقة فإن كانت قد وجبت في الراتب المذكور الزكاة ولم يتم إخراجها، فإنه يجب إخراجها فورًا، ولا يجوز تأخيرها من غير عذر، ولا تسقط الزكاة بالتقادم؛ لأنها حق للفقراء، ومن كان عاجزا عن إخراج الزكاة؛ لكونه لا يملك ما يخرجها به أو يحتاج إلى ما بيده من المال في ضرورات الحياة من مأكل أو مشرب أو مسكن أو ملبس أو دواء، فلا إثم عليه في تأخير إخراجها؛ لقوله تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ {التغابن:16}، وتجب عليه المبادرة بإخراجها متى قدر على ذلك.
ولكيفية حساب زكاة تلك السنين الماضية تراجع الفتوى رقم: 21769، والفتوى رقم: 44009.
والنصاب من الأوراق النقدية الحالية، ومقدار المخرج منه سبق تفصيله في الفتوى رقم: 2055.
والله أعلم.