الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن مشروعية قول "أذكار الدخول والخروج من المسجد" عند الدخول إلى المصلى أو الخروج منه؛ تنبني على حكمنا على هذا المصلى هل هو مسجد حقيقة، أو مجرد مكان خصص للصلاة فيه للحاجة، كمصليات البيوت، وأماكن العمل.
والأذكار المخصوصة، عبادة يؤتى بها على الصفة التي ورد بها الشرع؛ لأن الأصل في العبادة التوقيف حتى يرد الدليل الشرعي، ولم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم -فيما نعلم- أنه كان يقول هذا الذكر عند دخوله لمكان عدا المسجد، ولا عند صلاته في مصلى بيته، ولا أمر الصحابة بذلك، مع أنهم كانوا أحرص الناس على نقل سنته، والعمل بها. وبناء على ذلك، فإن المساجد هي التي يشرع لها الذكر المخصوص عند الدخول إليها، والخروج منها.
وضابط التفريق بين المسجد وغيره من الأماكن التي يُصلى فيها هو: أن المسجد مكان وقف لله تعالى؛ لتقام فيه الصلوات الخمس، لعموم المسلمين، فلا يكون مملوكا لأحد من الناس, ولا يجوز بيعه، أو التصرف فيه، خلافا للمصلى.
قال ابن العربي -رحمه الله- في كتابه أحكام القرآن: فلو بنى الرجل في داره مسجدا، وحجزه عن الناس، واختص به لنفسه، لبقي على ملكه، ولم يخرج إلى حد المسجدية. انتهى.
وقد بين الشيخ العثيمين -رحمه الله- هذا الحكم لما سئل عن الفرق بين المسجد والمصلى، وهل أحكامهما واحدة من حيث تحية المسجد، وإنشاد الضالة، والبيع، والشراء، وغير ذلك؟
فأجاب فضيلته بقوله: الفرق بين المصلى والمسجد أن المصلى مكان صلاة فقط، والمسجد معد للصلاة عموماً كل من جاء فيه، فإنه يصلي فيه، ويعرف أن هذا وقف لا يمكن بيعه، ولا التصرف فيه، وأما المصلى فإنه يمكن أن يترك، ولا يصلى فيه، وأن يباع تبعاً للبيت الذي هو فيه، وبناء على ذلك، يختلف الحكم. فالمساجد لا بد لها من تحية، ولا تمكث فيها الحائض مطلقاً، ولا الجنب إلا بوضوء، ولا يجوز فيه البيع والشراء، بخلاف المصلى. اهـ.
وعليه؛ فإن كان المصلى الذي ذكرت في سؤالك قد وقف للصلاة فيه، وليس بمملوك لشخص معين، وخلي بينه وبين الناس ليصلوا فيه؛ فإنه بذلك يكون مسجدا ويأخذ جميع أحكام المساجد، ويندب لك قول دعاء الخروج من المسجد عند خروجك منه. وأما مجرد تخصيص هذا المكان للصلاة فيه من دون الشرط المذكور، فإنه لا يجعله مسجدا شرعا، فلا يأخذ أحكام المسجد حينئذ، وانظر الفتاوى أرقام: 118815، 128147، 55927.
والله أعلم.