الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فكلا الفتويين صحيح؛ وذلك لأن المأموم عند الشافعية إما أن يكون مسبوقًا، وإما أن يكون موافقًا.
والمسبوق عند الشافعية هو: من لم يدرك مع الإمام من قيامه في الركعة الأولى، أو غيرها زمنًا يسع قراءة الفاتحة، وحكمه: أنه يركع مع الإمام وجوبًا، وتسقط عنه الفاتحة.
وأما الموافق عند الشافعية فهو: من أدرك مع الإمام من قيامه في الركعة الأولى، أو غيرها زمنًا يسع قراءة الفاتحة.
وحكم الموافق أنه إذا ركع إمامه قبل أن يتم هو فاتحته، لا يلزمه أن يركع معه، بل يجب عليه أن يتخلف ويتمها، ويدرك الركعة بالركوع وحده، وقد كان الجواب في الفتوى رقم: 202636 باعتبار أن المأموم كان مسبوقًا.
وكان الجواب في الفتوى رقم: 111619 باعتبار أن المأموم كان موافقًا، وعلى هذا؛ فلا تعارض بين الفتويين؛ لإمكان حمل كل منهما على صورة تخالف الأخرى، قال البجيرمي -رحمه الله- في حاشيته على الإقناع للخطيب الشربيني: وَاعْلَمْ أَنَّ الْمَأْمُومَ إمَّا مُوَافِقٌ، وَإِمَّا مَسْبُوقٌ، وَالْأَوَّلُ مَنْ أَدْرَكَ مِنْ قِيَامِ الْإِمَامِ قَدْرًا يَسَعُ الْفَاتِحَةَ بِالنِّسْبَةِ لِلْوَسَطِ الْمُعْتَدِلِ، لَا لِقِرَاءَةِ نَفْسِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَالْمَسْبُوقُ مَنْ لَمْ يُدْرِكْ ذَلِكَ، ... فَالْمُوَافِقُ بَيَّنَهُ فِي الْمَنْهَجِ بِقَوْلِهِ: الْعُذْرُ كَأَنْ أَسْرَعَ إمَامٌ قِرَاءَتَهُ، وَرَكَعَ قَبْلَ إتْمَامٍ مُوَافِقٍ الْفَاتِحَةَ، فَيُتِمُّهَا، وَيَسْعَى خَلْفَهُ، مَا لَمْ يُسْبَقْ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَرْكَانٍ طَوِيلَةٍ، ...
وَحَاصِلُ مَسْأَلَةِ الْمَسْبُوقِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَشْتَغِلْ بِسُنَّةٍ، وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَرْكَعَ مَعَ الْإِمَامِ، فَإِنْ لَمْ يَرْكَعْ مَعَهُ، فَاتَتْهُ الرَّكْعَةُ ... انتهى باختصار.
والله أعلم.