الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم ركوع الإمام قبل إتمام المأموم الفاتحة في الصلاة الجهرية

السؤال

هل من المفروض قراءة الفاتحة بعد أن يقرأها الإمام في الصلاة الجهرية؟ وما حكم قراءتها مع الإمام وهو يقرؤها؟ وماذا علي فعله إذا نويت وقرأت ربع الفاتحة فركع الإمام؟ وهل علي إكمالها؟ أم أركع؟ وإذا كنت أقرأ دعاء الاستفتاح، فهل تجب علي قراءة الفاتحة؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالقول الراجح والمفتي به عندنا أن الفاتحة ركن من أركان الصلاة لا تصح بدونها, سواء تعلق الأمر بالإمام, أو المأموم, أو المنفرد, وهو مذهب الشافعية ومن وافقهم من أهل العلم، وراجع في ذلك الفتويين رقم: 2281، ورقم: 27338.

وعلى القول بوجوب الفاتحة في حق المأموم في الصلاة الجهرية فيشرع له قراءتها مع قراءة الإمام وإن كان الأفضل له قراءتها بعد فراغ الإمام إن وجد فرصة لذلك ككون الإمام يسكت بها، ولهذا يندب للإمام السكوت بعد الفاتحة ليتمكن المأموم من قراءتها، جاء في الحاوي للماوردي: فإذا ثبت أن أصح القولين وجوب القراءة على المأموم فيختار له أن يقرأ عند فراغ الإمام منها، لأنه مأمور بسكتة بعدها ليقرأ المأموم فيها، روى سمرة بن جندب قال: حفظت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سكتة بعد التكبير وسكتة بعد أم القرآن. انتهى.

وفي المجموع للنووي: فلو قرأ المأموم الفاتحة مع الإمام وفرغ منها قبل فراغه فالأولى أن لا يؤمن حتى يؤمن الإمام، وهذا الذي قاله فيه نظر والمختار أو الصواب أنه يؤمن لقراءة نفسه ثم يؤمن مرة أخرى بتأمين الإمام. انتهى.

وقال أيضا: وإذا قلنا يقرأ المأموم في الجهرية كره له أن يجهر بحيث يؤذي جاره، بل يسر بحيث يسمع نفسه لو كان سميعا ولا شاغل من لغط وغيره، لأن هذا أدنى القراءة المجزئة، كما سنوضحه ـ إن شاء تعالى ـ في مسائل الفرع، قال أصحابنا ويستحب للإمام على هذا القول أن يسكت بعد الفاتحة قدر قراءة المأموم لها. انتهى.

وراجع المزيد في الفتوى رقم: 132715.

وإذا قصدت أن الإمام سبقك ببعض الفاتحة بحيث قرأت بعضها ثم ركع الإمام قبل أن تكملها فإنك تركع مع إمامك ويسقط باقي الفاتحة، وهو المذهب عند الشافعية.

وبخصوص السؤال الأخير: فإن كان معناه أن الإمام سبقك بدعاء الاستفتاح فصار الإمام يقرأ الفاتحة وأنت تقرأ دعاء الاستفاح فالجواب أنه ما كان ينبغي أن تقول دعاء الاستفتاح في هذه الحالة، بل تبادر إلى قراءة الفاتحة إلا إذا غلب على ظنك أنه بإمكانك قراءة التعوذ ودعاء الاستفتاح ثم قراءة الفاتحة قبل ركوع الإمام، فإنه يستحب لك أن تأتي بالتعوذ ودعاء الاستفتاح، فإن ركع الإمام قبل إتمام الفاتحة فإنك تركع ويسقط عنك باقي الفاتحة، إلا إذا كنت قد قرأت بشيء من التعوذ ودعاء الاستفتاح فعليك أن تقرأ من الفاتحة بقدر ما قرأت من التعوذ ودعاء الاستفتاح، هذا هو القول الذي صححه بعض الشافعية، جاء في مجموع للنووي: قال أصحابنا: إذا حضر مسبوق فوجد الإمام في القراءة وخاف ركوعه قبل فراغه من الفاتحة فينبغي أن لا يقول دعاء الافتتاح والتعوذ، بل يبادر إلى الفاتحة، لما ذكره المصنف، وإن غلب على ظنه أنه إذا قال الدعاء والتعوذ أدرك تمام الفاتحة استحب الإتيان بهما، فلو ركع الإمام وهو في أثناء الفاتحة فثلاثة أوجه: أحدها: يتم الفاتحة، والثاني: يركع ويسقط عنه قراءتها، ودليلهما ما ذكره المصنف، قال البندنيجي: هذا الثاني هو نصه في الإملاء، قال وهو المذهب، والثالث: وهو الأصح وهو قول الشيخ أبي زيد المروزى وصححه القفال والمعتبرون أنه إن لم يقل شيئا من دعاء الافتتاح والتعوذ ركع وسقط عنه بقية الفاتحة، وإن قال شيئا من ذلك لزمه أن يقرأ من الفاتحة بقدره لتقصيره بالتشاغل. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني