الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه ليس في هذا شيء من الشرك، ولكن اختلف أهل العلم في حكم التضحية عن الميت، وهذا يشمل مريم عليها السلام وغيرها، والراجح من أقوالهم جواز ذلك. وقد سبق بيانه بالتفصيل والأدلة، وأقوال أهل العلم في الفتاوى أرقام:36244، 44138، 38995.
وأما العمرة والحج، والتصدق عنه، والدعاء له، فكل ذلك مشروع على الأصح.
قال شيخ الإسلام رحمه الله: الصَّحِيحُ أَنَّهُ يَنْتَفِعُ الْمَيِّتُ بِجَمِيعِ الْعِبَادَاتِ الْبَدَنِيَّةِ مِنْ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ، وَالْقِرَاءَةِ كَمَا يَنْتَفِعُ بِالْعِبَادَاتِ الْمَالِيَّةِ مِنْ الصَّدَقَةِ وَالْعِتْقِ وَنَحْوِهِمَا، بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ، وَكَمَا لَوْ دَعَا لَهُ وَاسْتَغْفَرَ لَهُ. انتهى.
وقال ابن مفلح الحنبلي في الفروع: فَصْلٌ: كُلُّ قُرْبَةٍ فَعَلَهَا الْمُسْلِمُ وَجَعَلَ ثَوَابَهَا لِلْمُسْلِمِ، نَفَعَهُ ذلك، وَحَصَلَ له الثَّوَابُ. انتهى.
وفي الإقناع وشرحه للبهوتي: وكل قربة فعلها المسلم، وجعل ثوابها أو بعضها كالنصف ونحوه كالثلث، أو الربع لمسلم حي أو ميت، جاز ذلك، ونفعه؛ لحصول الثواب له. انتهى.
وانظر الفتوى رقم: 111133.
ومع ذا، فالأولى للعبد أن يجعل ثواب قرباته لنفسه؛ لأنه سيأتي عليه زمن يكون أحوج شيء إلى ثواب هذه الطاعة، ثم يكثر من الدعاء لميته والاستغفار له، وهذا هو المعروف عن السلف.
قال شيخ الإسلام رحمه الله: وَلَمْ يَكُنْ مِنْ عَادَةِ السَّلَفِ إذَا صَلَّوْا تَطَوُّعًا، أَوْ صَامُوا تَطَوُّعًا، أَوْ حَجُّوا تَطَوُّعًا، أَوْ قَرَؤوا الْقُرْآنَ، يُهْدُونَ ثَوَابَ ذَلِكَ إلَى أَمْوَاتِ الْمُسْلِمِينَ، فَلَا يَنْبَغِي الْعُدُولُ عَنْ طَرِيقِ السَّلَفِ؛ فَإِنَّهُ أَفْضَلُ وَأَكْمَلُ. انتهى.
وقال العلامة الشيخ ابن عثيمين: ينبغي أن يعلم أن الأفضل للإنسان أن يجعل الأعمال الصالحة لنفسه، وأن يخص من شاء من المسلمين بالدعاء له؛ لأن هذا هو ما أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: إلا من صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له. انتهى من فتاوى الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله.
والله أعلم.