الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فكلام المخلوق، مخلوق، وأما كلام الخالق، فغير مخلوق، فإن أداه المخلوق، كان صوته، وطريقة أدائه مخلوقًا، وبقي الكلام المسموع على صفته، من كونه كلام الله غير مخلوق، وهذه المسألة مما يشتد فيها اللبس؛ ولذلك حذر السلف من الخوض فيها، كما سبق أشرنا إليه في الفتوى: 135728.
ولتقريب ذلك نقول: إن الكلام صفة للمتكلم، ومهما سمعه غيره، أو حفظه، أو كتبه، أو أعاد النطق به، فإن الصفة لا تنتقل، ولا تحل بالغير، ومثال ذلك: إذا كنت تحفظ حديث: "إنما الأعمال بالنيات" مثلًا، وتكتبه في كتاب، وتقرؤه، فإنك تقول: هذا كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد تكلم به حقيقة، ومع ذلك هو في صدرك، وفي الكتاب، وتتكلم به، ولا يعني هذا أن صفة الكلام التي اتصف بها النبي صلى الله عليه وسلم، قد حلت في صدرك، أو كتابك، أو انتقلت إلى لسانك! ولهذا قال من قال من أهل السنة: الكلام ينسب إلى من قاله مبتدئًا، لا لمن قال مبلغًا، أو مؤديًا. وراجع الفتاوى: 238036، 245443، 349888.
والله أعلم.