الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فبداية: ننبه على أن فصل الحكم في مسائل المنازعات والحقوق المشتركة، إنما هو إلى القضاء، وما ينوب منابه، وإنما يسعنا هنا أن ننبه على أمور ومسائل عامة يتعلق بها موضوع السؤال، وهنا مسألتنا:
الأولى: أن مجرد إسكان الوالد لولده شقة يمتلكها الوالد، لا يعدّ هبة، وإنما هو عارية، والعارية تنتهي بموت المعير؛ وحينئذ تتعلق بها حقوق جميع الورثة بحسب أنصبتهم. وما بناه الولد بإذن والده في حياته، يستحق قيمته على الورثة منقوضًا لا قائمًا، وقيل: قائمًا، وراجع في ذلك الفتاوى: 157969، 189443، 230680.
وعلى ذلك؛ فليس للشقيق الذي قام بتشطيب الشقة أكثر من قيمة هذا التشطيب، على خلاف بين أهل العلم، هل يقدر قائمًا أو منقوضًا؟ والجمهور على الثاني. وفي مقابل ذلك فإن بقية الورثة - إذا لم يكونوا متبرعين - يستحقون عليه قيمة الأجرة لمدة إقامته في الشقة من بعد وفاة الوالدة.
المسألة الثانية: أن العقار الموروث إن لم يمكن قَسْمُه قِسْمة شرعية على جميع الورثة، بحيث يتمكن كل واحد من استغلال نصيبه على حدة دون إضرار ببقية الورثة، فمن حق أيّ وريث أن يطلب بيع العقار، وقسم ثمنه على الورثة بحسب أنصبتهم، فإن امتنع أحدهم عن البيع، أجبره القاضي، أو الحاكم على ذلك، وراجع في ذلك الفتويين: 104153، 35945.
وعلى ذلك؛ فلا يجوز لهذا الشقيق اشتراط حصوله على المبلغ المذكور للموافقة على البيع، فإن هذا حق للورثة، وليس فضلًا أو تبرعًا منه.
وإن اضطرهم إلى بذل ذلك للحصول على حقهم، كان آثمًا، وآكلًا للمال بالباطل.
والله أعلم.