الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن من أعظم ما يعينك على تحمل ذوي رحمك أن تستحضر فضل صلة الرحم، وتتدبر النصوص الواردة في ذلك. وراجع في فضل صلة الرحم الفتوى: 76678. وإن مما يعينك أيضا أن تكون صلتك لهم ابتغاء مرضاة الله.
روى مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رجلا قال: يا رسول الله، إن لي قرابة أصلهم، ويقطعوني؛ وأحسن إليهم، ويسيئون إليّ؛ وأحلم عنهم، ويجهلون عليّ. فقال: لئن كنت كما قلت، فكأنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم، ما دمت على ذلك.
ولا ينبغي أن تكون الانطوائية مانعا لك من صلة رحمك، وهي -أي الانطوائية- أمر عارض يمكن علاجه، والتخلص منه، بالاستعانة بالله أولا، ثم الاستعانة بأهل الاختصاص.
وفي موقعنا قسم للاستشارات النفسية، يمكنك مراسلتهم، والاستفادة من توجيهاتهم، وهو على هذا الرابط:
https://islamweb.net/ar/consult/
ولم يرد في الشرع تحديد مدة معينة إذا لم يصل فيها المرء رحمه كان قطيعة، والصلة تتحقق بكثير من الوسائل غير الزيارة، كالاتصال، وإلقاء السلام، وأنواع الإحسان.
قال القاضي عياض: وصلة الأرحام درجات، بعضها أفضل من بعض، وأدناها ترك المهاجرة، وصلتها بالكلام، ولو بالسلام.... اهـ.
وقال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: وقال ابن أبي جمرة: تكون صلة الرحم بالمال، وبالعون على الحاجة، وبدفع الضرر، وبطلاقة الوجه، وبالدعاء. والمعنى الجامع: إيصال ما أمكن من الخير، ودفع ما أمكن من الشر، بحسب الطاقة، وهذا إنما يستمر إذا كان أهل الرحم أهل استقامة، فإن كانوا كفارًا أو فجارًا، فمقاطعتهم في الله هي صلتهم، بشرط بذل الجهد في وعظهم، ثم إعلامهم إذا أصروا أن ذلك بسبب تخلفهم عن الحق، ولا يسقط مع ذلك صلتهم بالدعاء لهم بظهر الغيب أن يعودوا إلى الطريق المثلى. اهـ.
ومنها تعلم كيفية صلة الرحم الذين يصدر عنهم فسق أو كفر، ولمزيد الفائدة راجع الفتوى: 335965.
والله أعلم.