الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فان السرقة أمر محرم، وهي من كبائر الذنوب، لكن إذا كانت هذه السرقة وقعت منك قبل البلوغ؛ فلا إثم عليك، غير أنه يجب عليك ردّ ما سرقتِه من أبيك، أو استسماحه فيما أخذت من ماله من غير إذنه.
قال ابن تيمية -رحمه الله تعالى- في منهاج السنة النبوية: وقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «رفع القلم عن الصبي حتى يحتلم، والمجنون حتى يفيق، والنائم حتى يستيقظ»، إنما يقتضي رفع المأثم، لا رفع الضمان باتفاق المسلمين، فلو أتلفوا نفسًا أو مالًا؛ ضمنوه. وأما رفع العقوبة إذا سرق أحدهما، أو زنى، أو قطع الطريق، فهذا علم بدليل منفصل بمجرد هذا الحديث. اهـ.
وللمزيد، انظري الفتوى: 8610.
وإذا كنت لا تقدرين على رده في الوقت الحاضر، فإنه يبقى دينا في ذمتك حتى تؤديه إليه عندما يتيسر لك، فإن الشرع أنظر المعسر إلى ميسرته، كما قال الله تعالى: وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ {البقرة:280}.
وفي مجلة الأحكام العدلية: أتلف صبي مال غيره: يلزم الضمان من ماله، وإن لم يكن له مال، ينتظر إلى حال يسر، ولا يضمنه وليّه. اهـ.
والأفضل في حال عجزك أن تستسمحيه، وتكثري من بره والإحسان إليه، حتى يرضى عنك ويسامحك، ولولم لم يفعل فردي إليه المال متى ما وجدتيه، ويمكنك رده إلى ماله ولو دون علمه. وفق ما بينا في الفتوى: 21859.
هذا، وننبه إلى أنه لا يجوز وصفك للوالد بما لا يليق كالبخل ونحوه. كما لا تجوز السرقة من ماله ما دام يؤدي النفقة الواجبة عليه.
وإنما جوز الشرع الأخذ من ماله بقدر الكفاية إن حصل منه تقصير فيما يجب عليه من النفقة؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم- لهند: خذي من ماله ما يكفيك وولدك بالمعروف. متفق عليه.
والله أعلم.