الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يتم عليك نعمة التوبة والاستقامة، وأن يجنبك كيد الشيطان ووسوسته. وباب التوبة مفتوح بفضل الله -تعالى- لكل إنسان مهما بلغت ذنوبه، ما لم تطلع الشمس من مغربها، أو يُعاين الموت ويتيقنه.
والتوبة من السرقة لا بد فيها من رد الحقوق لأصحابها، ما لم يسقطوها ويبرئوا منها.
وقد سبق بيان ذلك في الفتاوى: 3519، 3739، 3051.
ولكن ليس معنى ذلك أن العاجز عن الأداء ليس له توبة، بل يبقى ذلك في حكم الدَّين في ذمته، إذا لم يبرئه منه أصحابه.
ويكون في حكم الغارم، يأخذ من الزكاة ما يقضي به ديونه. فإن لم يجد بقيت في ذمته دينا حتى يؤديه، ولو على دفعات، وفترات من الزمان طال أو قصر، بحسب استطاعته.
وقد سبق بيان ذلك في الفتويين: 6420، 40782.
فإن مات قبل أدائها، وكان صادقا في نية ردها لأصحابها ـ أدى الله عنه كالمدين، فقد قال صلى الله عليه وسلم: من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه، ومن أخذها يريد إتلافها أتلفه. رواه البخاري.
وقد سبق بيان ذلك في الفتوى: 7576.
والقروض التي أخذتيها ولم تسدديها، ولم تبرئك منها تلك البنوك، ما تزال في ذمتك. ولا يسقط حق تلك البنوك بالتقادم، وإنما يسقط حقهم إذا أسقطوه هم عنك طواعية، وحق تلك البنوك هو أصل القرض فقط، دون الفوائد الربوية التي يفرضونها.
وأما البضاعة المسروقة من المتاجر، وهي لا تزال على حالتها، فيلزمك أن ترديها ولو بطرق غير مباشرة حتى تصل لتلك المتاجر.
فإن عجزت الآن عن ردها، أو ردّ قيمتها في حال تلفها، فقيمتها تبقى دينا عليك -كما مرّ-، يجب عليك سداده عندما تملكين قيمتها.
وإذا لم يمكن إيصال ذلك الحق إلى أصحابه؛ لعدم معرفتك بهم ونحو ذلك، ويئست من الوصول إليهم. فتصدقي بحقهم عنهم، عملا بما يستطاع. كما بينا في الفتوى: 199927.
والله أعلم.