الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي عليه أكثر أهل العلم تحريم آلات الملاهي والمعازف كلها، إلا أشياء مخصوصة، جرى استثناؤها في حالات خاصة، كالدفّ في العرس، وطبل الغزاة والصيادين والقافلة؛ ففي هذه الأشياء خلاف وتفصيل بين المذاهب، وأما ما عداها، فقد حكى الإجماع على تحريمه جماعة من العلماء، وراجعي في ذلك الفتويين: 232915، 212389.
ومع حرمة سماع المعازف ونشرها؛ فإن الكسب من نشر الأناشيد المصحوبة بالمعازف على مواقع التواصل، لا يُقطَع بحرمته؛ فهو محلّ نظر واحتمال؛ فقد يقال: إن الربح ليس عوضًا عن نشر المعازف ذاتها، وإنما هي تبع للأناشيد، ومصاحبة لها:
فإن كانت الأناشيد نفسها مباحة، ويحلّ التكسب من نشرها، وهي المقصود الأصلي بالمنشور، بقي التابع تابعًا، والقاعدة أنه: (يُغتفر في التابع، ما لا يُغتفر في المتبوع)؛ فيحصل إثم نشر المعازف من جهة، ولا يحكم بحرمة الكسب من جهة أخرى، وانظري للفائدة الفتويين: 468889، 367354.
والحدّ الأدنى في مثل هذا الكسب أنه لا يخلو من شبهة، أو أقرب للحرمة، وينبغي التنزه عنه، خاصة وأن المكتسب سيكون عليه إثمه على أية حال.
والله أعلم.