الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأمّا قولك: هل اللبن الذي نزل بالأدوية له ضرر؛ فهذا يُسأل عنه الأطباء.
وأمّا هل ينشر الحرمة، وتصير المرضعة به أمَّا للرضيع؛ فالمفتى به عندنا أنه ينشر الحرمة، وتصير به المرضعة أمَّا للرضيع. لكن لا يصير به زوج المرضعة أبًا للرضيع؛ لأن اللبن ليس منه، وإنما نزل بسبب الدواء. وانظري الفتويين: 382237، 505585.
وقال ابن رشد في البيان والتحصيل: إن المرأة إذا دّرَّ لبنها بشيء تشربه فأرضعت به، إنه لبن يحرم، هو مثل ما في المدونة من أن لبن الجارية البكر يحرم، وأن لبن النساء يحرم على كل حال، بظاهر قول الله -عزَّ وجلَّ-: {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ} [النساء: 23]، ولم يخص ذات زوج ممن لا زوج لها، وكره للنساء شرب هذه الشجرة، التي يزعمن أنها تدر اللبن من غير وطء، ولم يحقق ما يزعمن من ذلك، وخشي أن يكون ذلك من قول الفواجر، وما يعتذرن به إذا كثر لبنهن من الفجور. اهـ.
وعلى هذا؛ فإذا شربت قريبتك دواءً دَرَّ بسببه اللبن، وأرضعت طفلك خمس رضعات، وهو دون الحولين؛ فإنه يصير ابنًا لها، وتصير أمَّاً له، ويصير أولادها إخوة له من الرضاع، وإخوانها أخوالاً له من الرضاع، دون زوجها، وإخوانه، وأولاده من غير المرضعة.
جاء في الفتاوى الهندية لجماعة من علماء الحنفية (1/ 343): رجل تزوج امرأة ولم تلد منه قط، ثم نزل لها لبن، فأرضعت صبيًا، كان الرضاع من المرأة دون زوجها، حتى لا يحرم على الصبي أولاد هذا الرجل من غير هذه المرأة. اهـ.
والله أعلم.