الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالواجب عليك تجاه أبيك هو البر به والإحسان إليه؛ لقوله تعالى : وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا { الإسراء:23 } وأما بالنسبة لمنعه من تزويجك من الأكفاء من غير عذر شرعي فهذا ما يسمى بالعضل في الفقه الإسلامي. قال ابن قدامة : ومعنى العضل منع المرأة من التزويج بكفئها إذا طلبت ذلك ورغب كل واحد منهما في صاحبه . اهـ وقد نهى الله الأولياء عن العضل حيث قال عزوجل :فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ { البقرة:232 } قال البيضاوي في تفسير قوله تعالى : إذا تراضوا بينهم بالمعروف أي الخطاب والنساء.اهـ
وإذا ثبت أن أباك يعضلك أي يمنعك من الخطاب الأكفاء فلك رفع أمرك إلى القاضي الشرعي ليزوجك من الأكفاء المرضيين دينا وخلقا, ولا يجوز لك في حالة العضل أن تزوجي نفسك لأن الولاية شرط في صحة النكاح وراجعي الفتوى رقم:7759 ، هذا ونوصيك بالدعاء في أوقات الاستجابة والاستعانه بالصلاة فادعي الله أن ييسر أمرك ويرزقك زوجا صالحا يرتضى دينه وخلقه, وحاولي تبيين الحكم لأبويك في عدم رد الخاطب المرضي الدين والأخلاق وراجعي الفتوى رقم:8799 والفتوى رقم:10426 والفتوى رقم:3298 .
واعلمي أن إرضاء الوالدين من آكد الواجبات ما لم يكن في إرضائهما ما يسخط الله تعالى؛ كما قدمنا في الفتوى رقم:17754 , فعليك بالعمل بما يرضي والديك مما هو مشروع حتى ولو لم تكوني ترتاحين له فإن في إرضائهما رضى الله سبحانه وتعالى, ومن رضي الله عنه وأحبه حقق له جميع طموحاته وأعطاه ما يريد وأمنه مما يخاف.
وعليه.. فاحرصي على إكمال دراستك وجدي واجتهدي فيها إرضاء لأبويك إن لم يكن في الدراسة محظور شرعي كالاختلاط الذي لا يمكن التحرز منه أو فرض السفور أو ما أشبه ذلك، فإذا وجد مانع شرعي فإن عليك إقناعهم بسبب تركك للدراسة وهو البعد عن الوقوع في الحرام, وحاولي إكمال الدراسة بطريق التعليم عن بعد الذي أصبح موجودا في بعض البلدان عن طريق الأنترنت. وراجعي في حكم التعليم بالمدارس المختلطة الفتاوى التالية أرقامها : 5310 / 53912 / 31277 / 50982 .
والله أعلم.