تفسير قوله تعالى (..أو نسائهن أو ما ملكت أيمانهن..)

21-6-2006 | إسلام ويب

السؤال:
في آية عدم إبداء الزينة في سورة النور، ما معنى (أو نسائهن أو ما ملكت أيمانهن)؟ هل تشمل (نسائهن) النساء المؤمنات فقط دون المشركات، والحرائر مع الإماء؟ سواء مسلمات أو مشركات؟ وهل تشمل (ما ملكت أيمانهن) الإماء والعبيد الذكور بحيث لهم نفس الحكم في إبداء الزينة؟

الإجابــة:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن أكثر أهل العلم من الفقهاء والمفسرين يفسرون الآية الكريمة: أو نسائهن. بأن المراد بها نساء المسلمين دون غيرهن من نساء اليهود والنصارى وغيرهم، قال الطبري في تفسيره: قيل: عني بذلك نساء المسلمين. اهـ.

وقال القرطبي: أو نسائهن يعني المسلمات ويدخل في هذا الإماء المؤمنات ويخرج منه نساء المشركين من أهل الذمة وغيرهم. اهـ.

وقال ابن كثير: أو نسائهن يعني تظهر بزينتها أيضا للنساء المسلمات دون نساء أهل الذمة لئلا تصفهن لرجالهن، وذلك وإن كان محذورا في جميع النساء إلا أنه في نساء أهل الذمة أشد فإنهن لا يمنعهن من ذلك مانع، وأما المسلمة فإنها تعلم أن ذلك حرام فتنزجر عنه. اهـ.

وقال بعضهم هن النساء جميعا، قال ابن العربي في أحكام القرآن: أو نسائهن، فيه قولان: أحدهما أنه جميع النساء، والثاني: أنه نساء المؤمنين، ثم قال: والصحيح عندي أن ذلك جائز لجميع النساء، وإنما جاء بالضمير للإتباع فإنها آية الضمائر إذ فيها خمسة وعشرون ضميرا لم يروا في القرآن لها نظيرا، فجاء الضمير فيها للاتباع. اهـ.

وقال ابن عاشور في التحرير والتنوير: والإضافة في قوله (أو نسائهن) إلى ضمير المؤمنات، إن حملت على ظاهر الإضافة كانت دالة على أنهن النساء اللاتي لهن بهن مزيد اختصاص، فقيل المراد نساء أمتهن أي المؤمنات، مثل الإضافة في قوله تعالى: وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ. أي من رجال دينكم، ويجوز أن يكون المراد أو النساء، وإنما أضافهن إلى ضمير النسوة إتباعا لبقية المعدود، فتكون الإضافة لغير داع معنوي، بل لداع لفظي تقتضيه الفصاحة، مثل الضميرين المضاف إليهما في قوله تعالى: فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا، أي ألهمهما الفجور والتقوى، فإضافتهما إلى الضمير إتباع للضمائر التي من أول سورة: والشمس وضحاها...

ثم قال: ومن هذين الاحتمالين اختلف الفقهاء في جواز نظر النساء المشركات والكتابيات إلى ما يجوز للمرأة المسلمة إظهاره للأجنبية من جسدها. اهـ.

وجمهورهم على منع إظهار الزينة لغير المسلمة، وقد بينا ذلك في الفتاوى التالية: 58234، 50794، 7254، وبإمكانك أن تطلع عليها للمزيد من الفائدة.

وعلى ذلك؛ فالضمير في قوله تعالى: أو نسائهن. عائد على نساء المؤمنين المختصات بصحبتهن ومخالطتهن وخدمتهن، والآية شاملة للنساء المؤمنات سواء كن حرائر أو إماء.

وأما الإماء المشركات فقد جاء فيهن: أو ما ملكت أيمانهن. ولو كن كوافر، قال القرطبي: فَلَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ مُؤْمِنَةٍ أَنْ تَكْشِفَ شَيْئًا ‌مِنْ ‌بَدَنِهَا ‌بَيْنَ ‌يَدَيِ امْرَأَةٍ مُشْرِكَةٍ إِلَّا أَنْ تَكُونَ أَمَةً لَهَا، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمانُهُنَّ. اهـ.

وأما العبيد الذكور؛ فهم كالأجانب على ما ذهب إليه أكثر أهل العلم، ورخص بعضهم في نظر الغلام (العبد) الوغد إلى شعر سيدته وكره ذلك بعضهم.

وخلاصة ما ذكرنا من مذهب الجمهور: أنه لا يجوز للمرأة المسلمة أن تبدي زينتها لغير المسلمة، إلا أن تكون أمة لها، كما لا يجوز لها أن تبدي زينتها لعبدها غير المحرم لها ولو كان مسلمًا.

كما ننبه أن الآية الكريمة المذكورة من أمهات آيات الأحكام التي تحتوي على أبحاث طويلة وآراء متشعبة لأهل العلم لا يتسع المقام لذكرها، ويمكنك أن تعود إليها في كتب التفسير، وخاصة أحكام القرآن لابن العربي، وأحكام القرآن للجصاص، وتفسير القرطبي، وتفسير ابن عاشور.

والله أعلم.

www.islamweb.net