الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنسأل الله تعالى أن يوفقك، وييسر أمرك، ويرزقك زوجا صالحا تقر به عينك وتسعد به نفسك في الدنيا والآخرة إنه سميع مجيب ، وأما ما سألت عنه مما يدور بينك وبين أبيك في شأن تزويجك فلا حرج فيه، فلك أن تسأليه أن يزوجك ممن رضيت دينه وخلقه، وليس له أن يعضلك عنه لقول النبي صلى الله عليه وسلم : إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد عريض . أخرجه الترمذي وغيره بإسناد حسن .
ولكن ينبغي أن يكون طلبك له وحديثك معه في ذلك الشأن وغيره بأسلوب حسن لقول الله تعالى : فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا {الاسراء: 23 } وانظري الفتوى رقم : 8799 ، وقد ذكرت أنه قد وكل عمك في إتمام الأمر ومنحه الولاية عليك في هذا الشأن، وهذا حسن لا حرج فيه، فينبغي أن تسارعي في إتمامه وتسألي خطيبك ذلك لتعفي نفسك عن الحرام ، وأما ما يدور بينك وبين خطيبك من كلام عن ترتيبات الزيجة وموعدها ونحو ذلك فالأصل أنه لا حرج فيه إن كان منضبطا بضوابط الشرع لا خضوع فيه ولا خلوة، ولكن يخشى أن يكون منفذا يدخل فيه الشيطان للإفساد، وقد منع كثير من أهل العلم المرأة الشابة من التسليم على الأجنبي سدا لباب الفتنة، فالأولى أن تتركي خطيبك يتحدث مع عمك وتطالبي عمك بالإسراع في إتمام الزواج، فإن كانت الحاجة داعية ولا بد لحديثك مع خطيبك فعليكما أن تقتصرا في ذلك على الحاجة فحسب ، واعلمي أنه لا زال أجنبيا عنك. وقد بينا ذلك مفصلا في الفتويين رقم : 1753 ، 1847 .
وننصحك أيتها السائلة الكريمة بالصبر على ما يسببه لك بعد الوالدين من أذى ووحشة، فهما وإن قصرا فيما يجب عليهما تجاهك فلا يسقط ذلك حقهما عليك في البر والاحسان وخفض الجناح، وللفائدة انظري الفتويين رقم : 23307 ، 58854 ، وسعي الوالدين وطلبهما للرزق إن كان لسد الحاجة وكسب العيش لا حرج فيه، إذا لم يؤد إلى تضييع الأبناء كأن يجدا من يقوم مقامهما في تربيتهم وحفظهم، وإلا فلا يجوز لهما ذلك لما فيه من تضييع حقوق الأبناء ودرء المفسدة أولى من جلب المصلحة ، ومهما يكن من أمر فإن تقصير الوالد لا يبيح عقوق الولد له. وانظري الفتوى رقم : 27021 .
والله أعلم .