الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن نكاح الكافرات لا يجوز، إلا ما أباح الله من زواج الكتابيات، والبوذية من أقبح ملل الكفر الوثني، وأعظم من الزواج منها وأكبر إثماً، إقامة علاقة غير مشروعة معها؛ إذ لا شبهة في تحريمها، ولا مدخل للضرورة فيها.
ثم إن المسلمين موجودون في كل مكان بالعالم، والحمد لله، وكذا أهل الكتاب من اليهود والنصارى، ممن أباح الله نكاحهم. فعليك بالبحث عن الحلال، وإتيان البيوت من أبوابها، كما أمر الله عز وجل بذلك، وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم في قوله: يا معشر الشباب؛ من استطاع منكم الباءة، فليتزوج؛ فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج. ومن لم يستطع فعليه بالصوم؛ فإنه له وجاء. -أي: وقاية- متفق عليه.
فالسبيل المشروع لإحصان الفرج عن السوء، وإعفاف النفس عن الحرام إنما يكون بالزواج، فإن لم تكن ثم استطاعة، فيكون السبيل هو كثرة الصيام حتى تفتر الشهوة وتنكسر حدتها، وهذا هو العلاج الشرعي لما أنت فيه.
وإذا وجدت مسلمة تقبل بالزواج منك على وضعك الذي أنت فيه؛ فتزوج بها حفظا لدينك، ولا تجب عليك طاعة والدتك في عدم الزواج إذا كنت تخشى أن تقع في الحرام إذا لم تتزوج؛ إذ لا طاعة لمخلوق في ما يوقع في الحرام.
ونذكر السائل بأن أرض الله واسعة، فلا يجوز للمرء أن يظلم نفسه بارتكاب ما نهي عنه شرعاً، وهو يستطيع أن يجد ملجأ يلجأ إليه، واسمع إلى قول الله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمْ قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالْوَاْ أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا فَأُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءتْ مَصِيرًا {النساء:97}.
وأما الوحدة والوحشة فيمكن معالجتهما بالإقبال على تلاوة القرآن وحفظه، ومطالعة كتب العلم، فكلما مللت من كتاب انتقلت إلى كتاب آخر، فتنتقل من بستان إلى بستان، ومن جنة إلى جنة، وكما قيل (خير جليس في الزمان كتاب).
واسمع إلى شيخ الإسلام ابن تيمية -كما يحدث عنه تلميذه ابن القيم في الوابل الصيب- وهو يقول: ما يصنع أعدائي بي؟ أنا جنتي وبستاني في صدري، إن رحت فهي معي لا تفارقني، إن حبسي خلوة، وقتلي شهادة، وإخراجي من بلدي سياحة. اهـ.
وقد ذكر القرطبي في كتابه بهجة المجالس: أن الجليس الصالح خير من الوحدة، وأن الوحدة خير من جليس السوء. اهـ.
وننصحك بمراجعة الفتوى: 12744.
والله أعلم.