الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قال ( والماء المستعمل هو ما أزيل به حدث أو استعمل في البدن على وجه القربة ) قال رضي الله عنه : وهذا عند أبي يوسف رحمه الله ، وقيل هو قول أبي حنيفة أيضا . وقال محمد رحمه الله : لا يصير مستعملا إلا بإقامة القربة لأن الاستعمال بانتقال نجاسة الآثام إليه وإنها تزال بالقرب ، وأبو يوسف رحمه الله يقول : إسقاط الفرض مؤثر أيضا فيثبت الفساد بالأمرين ، ومتى يصير الماء مستعملا [ ص: 90 ] الصحيح أنه كما زايل العضو صار مستعملا ، لأن سقوط حكم الاستعمال قبل الانفصال للضرورة ولا ضرورة بعده ،

التالي السابق


( قوله وقيل هو قول أبي حنيفة ) قال شيخ الإسلام : يجب أن يكون قول أبي حنيفة لمسائل نقلت ، وذكر ما نقلناه آنفا من كتاب الحسن وذكرناه أنه مقيد بما إذا لم يرد رفع شيء ، وفي موضع آخر تصريح بأن الإناء قيد ، حتى لو أدخل رجله في البئر أو يده لا يفسده [ ص: 90 ] ولو أدخل الجنب في البئر غير اليد والرجل من الجسد أفسده لأن الحاجة فيهما ، وقولنا من الجسد يفيد الاستعمال بإدخال بعض عضو ، وهو يوافق المروي عن أبي يوسف في الطاهر إذا أدخل رأسه في الإناء وابتل بعض رأسه أنه يصير مستعملا .

أما الرواية المعروفة عن أبي يوسف أنه لا يصير مستعملا ببعض العضو ، قال في الخلاصة : هذا بناء على أن الماء بماذا يصير مستعملا ؟ قال أبو حنيفة وأبو يوسف : إذا أزيل به حدث أو تقرب به .

وقال محمد : إذا قصد به التقرب لا غير ثم استمر في التفريع .

ومعنى هذا أن الحدث لا يرتفع عن بعض عضو حتى لو كان فيه لمعة فهو بحدثه ورفعه هو المفيد للاستعمال أو القربة ، ثم هذا كله يشكل على قول المشايخ إن الحدث لا يتجزأ رفعا كما لا يتجزأ ثبوتا ، والمخلص بتحقيق الحق في ذلك وهو أن تتبع الروايات في الملاقاة يفيد أن صيرورة الماء مستعملا بأحد أمور ثلاثة : رفع الحدث تقربا أو غير تقرب ، والتقرب سواء كان معه رفع حدث أو لا .

وسقوط الفرض عن العضو وعليه تجري فروع إدخال اليد والرجل الماء القليل لا لحاجة ، ولا تلازم بين سقوط الفرض وارتفاع الحدث ، فسقوط الفرض عن اليد مثلا يقتضي أن لا تجب إعادة غسلها مع بقية الأعضاء ويكون ارتفاع الحدث موقوفا على غسل الباقي ، وسقوط الفرض هو الأصل في الاستعمال لما عرف أن أصله مال الزكاة والثابت فيه ليس إلا سقوط الفرض حيث جعل به دنسا شرعا على ما ذكرناه . هذا والمفيد لاعتبار الإسقاط مؤثرا فيه صريح التعليل المنقول من لفظ أبي حنيفة في كتاب الحسن وهو ما قدمناه من قوله لأنه سقط فرضه عنه . وأما الرابع فأشار إليه بقوله ومتى يصير مستعملا الصحيح أنه كما زايل العضو احترز به عن قول كثير من المشايخ ، وهو قول سفيان الثوري رحمه الله أنه لا يصير مستعملا حتى يستقر في مكان مستدلين بجواز أخذ البلة من مكان من العضو إلى آخر ، وعدم جوازه من عضو إلى عضو آخر إلا في الجنابة لأن البدن فيها كالعضو الواحد ، ويمسح رأسه ببلل في يده لا بلل من عضو آخر ، والمحققون على ما ذكر في الكتاب لأن سقوط الاستعمال حال تردده على العضو للضرورة ، ولا ضرورة بعد الانفصال ، وغاية ما ذكروا أن المأخوذ من مكان آخر مستعمل ، ولا كلام في هذا فإنه اتفاق ، بل فيما بعد الانفصال قبل الاستقرار ، وما ذكروه لا يمسه ولا يتعرض له




الخدمات العلمية